للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض؟ قال: كالغيث يشتد به الريح، فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا، وأمده خواصر وأشبعه ضروعا، ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله، فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل إليه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (١)، واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لدّ الشرقي، فبينما هم كذلك أوحى الله إلى المسيح عيسى بن مريم، أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله: وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر أربعين يوما،

فتغسل الأرض حتى تتركها زلفة (٢)، ويقال للأرض: أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل (٣) حتى أن اللقحة (٤) من الإبل لتكفي الفئام (٥) من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي البيت، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله


(١) المهرودتان: حلتان مصبوغتان بالورس فيهما صفرة خفيفة. انظر النهاية لابن الأثير ٥/ ٢٨٥ باختصار.
(٢) زلفة: قيل مصنع الماء، وقيل المرآة، شبهها بها لاستوائها ونظافتها. النهاية ٢/ ٣٠٩.
(٣) الرسل: من الإبل والغنم ما كان بين عشر إلى خمس وعشرين. النهاية ٢/ ٢٢٢.
(٤) اللقحة: الناقة القريب العهد بالنتاج. النهاية ٤/ ٢٦٢.
(٥) الفئام: الجماعة الكثيرة. النهاية ٣/ ٤٠٦.

<<  <   >  >>