ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة (١).
ج- نبوءة قرآنية نعايشها الآن:
جاء في قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)[الإسراء: ٤].
ذهب كثير من المفسرين إلى أن العلو في الأرض والإفساد الأول قد تم فأرسل الله عليهم بختنصر ملك بابل فشردهم وقتل الكثير منهم وساق الكثير أسرى إلى بابل. أما العلو الآخر والإفساد الآخر فلم يأت بعد، حيث لم تقم لليهود بعد أسر بابل دولة ولا كيان.
وفي سورة الإسراء نفسها في أواخرها جاء قوله تعالى: وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥)[الإسراء: ١٠٤ - ١٠٥].
أي قيل لهم انتشروا في الأرض فإذا جاء وعد المرة الآخرة في العلو والإفساد في الأرض جئنا بكم من أطراف الأرض جماعات جماعات.
ونحن نرجح أن مرحلة العلو في الأرض بدأت من مؤتمر اليهود في بال بسويسرا عام ١٨٩٧ م عند ما أعلن رئيسهم هرتزل عن وضع اللبنة الأولى لدولة إسرائيل، وقال إن الإعلان عن قيامها سيتم بعد خمسين عاما من ذاك التاريخ، وبالفعل أعلن قيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ م. وتسابقت الدول العظمى إلى الاعتراف بها. ومنذ مؤتمر سويسرا وإلى اليوم فإن السياسة العالمية مسخرة لتسهيل هجرة اليهود من أنحاء العالم إلى فلسطين، وكان قيام الحربين العالميتين والمستفيد الأكبر منهما هم اليهود، ففي الأولى أزيلت الدولة العثمانية الإسلامية من الوجود وكانت تقف سدا منيعا في وجه اليهود، وفي الثانية هيئت الأجواء الدولية للاعتراف بإسرائيل ودعمها ماديا
(١) انظر الحديث في مسند الإمام أحمد ج ٤/ ٦٨٢ وصحيح مسلم، كتاب الفتن ٨/ ١٩٨.