وإلى حديث ابن عباس: مررت بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا على أتان. فقلت لأبي: إذا مر الكلب الأسود بين يدي المصلي يقطعُ صلاته؟ قال: نعم. قلت له: يعيد؟ قال: نعم؛ إن كان أسود ". وأما الرواية الأخرى: فهي رواية إسحاق بن منصور المروزي في " مسائله " عن أحمد وإسحاق. قال: " قلت - يعني: لأحمد -: ما يقطع الصلاة؟ قال: ما يقطعها إلا الكلب الأسود الذي لا أشك فيه، وفي قلبي من (الحمار والمرأة) شيء. قال إسحاق: لا يقطع إلا الكلب الأسود. قال أحمد: ومن الناس من يقول: إن قول عائشة حيث قالت: كنت أنام بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ليس بحجة على هذا الحديث - يعني: من قال: يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب -؛ لأن النائم غير المارِّ. وقول ابن عباس في الحمار حيث مر بين يدي بعض الصف؛ ليس بحجة؛ لأن سترة الإمام سترةُ مَن خلفه ". اهـ. قلت: وحديث ابن عباس المشار إليه أخرجه الأئمة الستة وغيرهم عنه بلفظ: أقبلت راكباً على أتانٍ، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار (*) ، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليَّ أحد. والحديث - كما قال أحمد - لا حجة فيه؛ لأن الأتان لم تمرَّ بين يديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال ابن عبد البر - كما في " الفتح " (١/٤٥٤) -: