رأيت على أبي يوسف نعلين مخصوفين بمسامير، فقلت: أترى بهذا بأساً؟ قال: لا. قلت: سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك؛ لأن فيه تشبهاً بالرهبان. فقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبس النعال التي لها شعر، وإنها من لباس الرهبان ". اهـ. ومن هذا النوع كانت جبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرومية فيما يظهر لنا. وأما النوع الآخر؛ فهو ما كان شعاراً لبعض الأمم الكافرة؛ يتميزون به عن غيرهم من الأمم. فلا يجوز حينئذٍ لمسلم أن يقلدهم، وأن يتشبه بهم في ذلك؛ لما في ذلك من تضعيف شوكة المسلمين؛ بتقليل عددهم في الظاهر، وتقوية أعدائهم عليهم بذلك، وقد تقرر في علم النفس - كما كنت قرأت في بعض الكتب والمجلات العصرية -: أن للظاهر تأثيراً في الباطن. وذلك مشهود في بعض المظاهر، وقد أشار إلى ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله حينما كان يسوي الصفوف: " لا تختلفوا؛ فتختلفَ قلوبكم ". رواه أبو داود (١/١٠٧) ، والنسائي (١/١٣٠) ، وابن خزيمة في " صحيحه ". وسنده صحيح عن البراء به. وعن النعمان بن بشير مرفوعاً: " عباد الله! لَتُسَوُّنَّ صفوفكم؛ أو ليخالفن الله بين وجوهكم ". أخرجه الشيخان، وأصحاب " السنن " وغيرهم. فجعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختلاف الظواهر سبباً لاختلاف البواطن والقلوب، وعلى هذا النوع من اللباس يُنَزَّل حديث ابن عمرو المذكور سابقاً، ومثله قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من تشبه بقوم؛ فهو منهم ". أخرجه أبو داود (٢/١٧٢ - ١٧٣) ، وأحمد (٢/٥٠) من طريق عبد الرحمن بن ثابت