" صلوا كما رأيتموني أصلي ". واحتج الجمهور عليهم بحديث (المسيء صلاته) ؛ فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره بتكبيرات الانتقالات، وأمره بتكبيرة الإحرام - كما قال النووي (٣/٣٩٧) -. وهذه حجة ضعيفة؛ وذلك لأن حديث (المسيء صلاته) لم يقتصر أحد من العلماء المشهورين على حصر الواجبات بما ورد فيه؛ بل كل منهم يزيد على ما جاء فيه بدليل ظهر له. خذ مثالاً على النووي؛ فإنه يقول بوجوب السلام في آخر الصلاة تبعاً لمذهبه، مع أنه لم يرد ذلك في شيء من طرق حديث (المسيء) ! ومثله: الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما صرح الحافظ ابن حجر -، فكيف يحتج على غيره في موضع بما هو حجة عليه في موضع آخر؟! وهذا كله بناء على ما أفاده النووي من أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر (المسيء) بهذه التكبيرات. وليس كذلك؛ فقد جاء ذلك في بعض طرق الحديث بإسناد صحيح من حديث رفاعة بن رافع: أن رجلاً دخل المسجد ... فذكر الحديث، وفيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يكبر، ويحمد الله جل وعز، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: (الله أكبر) ، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: (سمع الله لمن حمده) حتى يستوي قائماً، ثم يقول: (الله أكبر) ، ثم يسجد، حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: (الله أكبر) ، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: (الله أكبر) ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك؛ تمت صلاته ". أخرجه أبو داود (١/١٣٧) : ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى عنه.