وقد اختلف العلماء في الجهة التي ينبغي للمصلي أن يتوجه بنظره إليها؛ فذهب مالك إلى أن نظر المصلي يتجه إلى جهة القبلة. وترجم له البخاري في " صحيحه ": (باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة) (٢/١٨٤) ، وساق فيه عدة أحاديث في أن الصحابة كانوا ينظرون إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم في الصلاة في أحوال مختلفة. وذهب الشافعي، والكوفيون - وهو الصحيح من مذهب الحنفية - إلى أنه يستحب للمصلي النظر إلى موضع سجوده؛ لأنه أقرب إلى الخشوع. وهو الصواب؛ لدلالة الأحاديث السابقة عليه. وفصَّل الحافظ ابن حجر؛ فقال: " ويمكن أن نفرق بين الإمام والمأموم؛ فيستحب للإمام النظر إلى موضع السجود وكذا للمأموم؛ إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه. وأما المنفرد؛ فحكمه حكم الإمام ". اهـ. وبهذا يُجمع بين الأحاديث التي ساقها البخاري وبين أحاديث النظر إلى موضع السجود، وهو جمع حسن. والله تعالى أعلم (١) . { (تنبيه) : في هذين الحديثين أن السنة: أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده من الأرض، فما يفعله بعض المصلين من تغميض العينين في الصلاة؛ فهو تورع بارد! وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} . (١) {رواه أبو داود وأحمد بسند صحيح. وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (١٧٧١) . والمراد بـ " البيت " هنا الكعبة؛ كما يدل عليه سبب ورود الحديث} .