للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................


فروى أبو داود (١/١٢٢) وغيره - كما يأتي - عن شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي
ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة:
فإذا قلت أنت ذاك؛ فقل: " وأنا من المسلمين ". يعني: قوله: " وأنا أول المسلمين ".
ويظهر أن بعض الرواة كان مقتنعاً بضرورة هذا التغيير؛ فكان يجعل: " وأنا من
المسلمين " في صلب الحديث!
وهو تساهل في الرواية غير مستحسن - كما لا يخفى -، وذلك - على ما ذهبنا إليه -
قول عبيد الله بن أبي رافع المتقدم:
وشككت أن يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ".
وابن أبي رافع مدار الحديث عليه، وهو قد جزم بأن أصل الحديث: " وأنا أول
المسلمين ". وشك في رواية: " وأنا من المسلمين ". فكل من رواه عنه بهذا اللفظ الأخير؛
فإنما هو واهم أو متأول - كما ذكرنا -؛ ولذلك قال الشافعي رحمه الله - بعد أن ساق الحديث -:
" وبهذا كله أقول وآمر، وأحب أن يؤتى به كما يُروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لا يغادر
منه شيئاً، ويجعل مكان: " أول المسلمين ": " وأنا من المسلمين ". قال الشوكاني
(٢/١٦٢) :
" وهو وهم؛ منشؤه توهم أن معنى: " وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص اتصف
بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه. وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في
الامتثال لما أمر به، ونظيره: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَ?نِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العَابِدِينَ} . وقال
موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ المُؤِْمِنينَ} .
وقال العلماء: ولا فرق بين الرجل والمرأة فيما ورد من الأذكار والأدعية؛ لحمله على
التغليب، أو إرادة الأشخاص ".

<<  <  ج: ص:  >  >>