ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذاك؛ فقل: " وأنا من المسلمين ". يعني: قوله: " وأنا أول المسلمين ". ويظهر أن بعض الرواة كان مقتنعاً بضرورة هذا التغيير؛ فكان يجعل: " وأنا من المسلمين " في صلب الحديث! وهو تساهل في الرواية غير مستحسن - كما لا يخفى -، وذلك - على ما ذهبنا إليه - قول عبيد الله بن أبي رافع المتقدم: وشككت أن يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ". وابن أبي رافع مدار الحديث عليه، وهو قد جزم بأن أصل الحديث: " وأنا أول المسلمين ". وشك في رواية: " وأنا من المسلمين ". فكل من رواه عنه بهذا اللفظ الأخير؛ فإنما هو واهم أو متأول - كما ذكرنا -؛ ولذلك قال الشافعي رحمه الله - بعد أن ساق الحديث -: " وبهذا كله أقول وآمر، وأحب أن يؤتى به كما يُروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لا يغادر منه شيئاً، ويجعل مكان: " أول المسلمين ": " وأنا من المسلمين ". قال الشوكاني (٢/١٦٢) : " وهو وهم؛ منشؤه توهم أن معنى: " وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص اتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه. وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَ?نِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العَابِدِينَ} . وقال موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ المُؤِْمِنينَ} . وقال العلماء: ولا فرق بين الرجل والمرأة فيما ورد من الأذكار والأدعية؛ لحمله على التغليب، أو إرادة الأشخاص ".