وهذا مع كونه ليس فيه التصريح بأنه كان في الصلاة؛ فهو مرسل، ولا يحتج به عند جمهور المحدثين؛ لا سيما إذا كان من مراسيل الحسن البصري. ومع هذا كله؛ فقد ذهب الشافعية - إلا القليل منهم - إلى أن الأفضل الاقتصار على هذا القدر من الاستعاذة! واحتجوا بقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} . ولا يخفى أن الآية مجملة؛ ليس فيها بيان صفة الاستعاذة؛ فوجب الرجوع في ذلك إلى السنة. وقد علمت ما ثبت فيها من الزيادة؛ فالأخذ بها أولى؛ لا سيما وأن فيها زيادة معنى. وقد ذهب إلى شيء من هذا بعض الشافعية؛ فقال الرافعي في " شرح الوجيز " (٣/٣٠٥) : " وحكى القاضي الروياني عن بعض أصحابنا: إن الأحسن أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ". اهـ. وأحسن من هذا أن يضاف إليه: " من همزه، ونفخه، ونفثه ". ومما ذكرنا تَعْلَمُ أن قول ابن القيم في " زاد المعاد " (١/٧٣) : " وكان يقول بعد ذلك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم يقرأ {الفَاتِحَة} . فيه قصور؛ لأن كتابه ليس كتاب تأييد لمذهب معين؛ بل هو بيان لهديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عباداته وغيرها. واختلف العلماء في حكم الاستعاذة، ويأتي بعض الكلام في ذلك قريباً.