قلت: ورواه عن أبي سفيان أبو حنيفة - كما في " الآثار " لمحمد وأبي يوسف -؛ فارتفعت عنه بروايتهم الجهالة العينية. وأما حاله؛ فلا يزال مجهولاً، وإن كان الزيلعي حاول بذلك تقوية الحديث، ولكنه - على كل حال - شاهد لا بأس به لحديث أنس، وهو - أعني: حديث أنس - وإن كانت ألفاظه مختلفة - كما سبق - لكنها ليست متعارضة؛ بل يمكن التوفيق بينها بمثل ما قال الحافظ في " الفتح " (٢/١٨١) : " فطريق الجمع بين هذه الألفاظ حملُ نفي القراءة على نفي السماع، ونفي السماع على نفي الجهر، وتؤيده رواية منصور بن زاذان: فلم يسمعنا قراءة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . وأصرح من ذلك رواية الحسن عن أنس: كانوا يسرُّون بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . فاندفع بهذا تعليل من أعله بالاضطراب - كابن عبد البر -؛ لأن الجمع إذا أمكن؛ تعين المصير إليه ". وبذلك يتبين أن حديث أنس حجة في كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسر بالبسملة، وكذلك أصحابه الثلاثة، ومثله حديث عبد الله بن مغفل. وقد قال الترمذي: " والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ منهم: أبو بكر وعمر وعثمان، وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق؛ لا يرون أن يجهر بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ؛ قالوا: ويقولها في نفسه ". قلت: وهو مذهب أبي حنيفة، وصاحبيه - كما حكاه الطحاوي وغيره -، ونص عليه الإمام محمد في " الآثار " (١٥ - ١٦) ، وبه قال أكثر أصحاب الحديث - كما قال