والتابعين؛ فقالوا بالجهر بها، وأنه السنة. وقد أطال النووي رحمه الله في " المجموع " (٣/٣٣٤ - ٣٥٦) في الاستدلال لذلك بأحاديث كثيرة ساقها! والناظر فيها بإنصاف؛ لا يخرج منها بحديث واحد صحيح صريح يدل على ما ذهبوا إليه. ولذلك سأسوق في هذا التعليق منها ما يرد في الجهر بها صريحاً؛ مما قد صححه بعضهم، وأدع الكلام على سائرها المطولات كـ " نصب الراية "، و " نيل الأوطار "، أو غيرهما. الحديث الأول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وله عنه طرق: الأولى: ما أخرجه الشافعي في " الأم " (١/٩٣) ، ومن طريقه الدارقطني (١١٧) ، والحاكم (١/٢٣٣) ، والبيهقي (٢/٤٩) ؛ ثلاثتهم عن الشافعي قال: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جُرَيج قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُثَيم: أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره: أن أنس بن مالك أخبره قال: صلى معاوية بالمدينة صلاة، فجهر فيها بالقراءة؛ فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لِ {أم القرآن} ، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها، حتى قضى تلك القراءة، ولم يكبر حين يهوي، حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلَّم؛ ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان: يا معاوية! أسرقت الصلاة أم نسيت؟! فلما صلَّى بعد ذلك؛ قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} للسورة التي بعد {أم القرآن} ، وكبَّر حين يهوي ساجداً. قال الدارقطني: " رجاله كلهم ثقات ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " - ووافقه الذهبي -، ثم قال: