للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- " أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛

فَأَعْلِموني به - أي شيء يكون: كوفيّاً، أو بصرياً، أو شامياً -؛ حتى أذهب إليه

إذا كان صحيحاً ".


= كان عَمِل به إمام مستقل غير الشافعي، ويكون هذا عذراً له في ترك مذهب إمامه هنا.
وهذا الذي قاله حسن متعين. والله أعلم ".
قلت: هناك صورة أخرى لم يتعرض لذكرها ابن الصلاح، وهي فيما إذا لم يجد من
عمل بالحديث؛ فماذا يصنع؟ أجاب عن هذا تقي الدين السبكي في رسالة " معنى قول
الشافعي ... إذا صح الحديث ... " (ص ١٠٢ ج ٣) ؛ فقال:
" والأولى عندي اتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سمع
ذلك منه؛ أيسعه التأخر عن العمل به؟ لا والله! ... وكل واحد مكلف بحسب فهمه ".
وتمام هذا البحث وتحقيقه تجده في " إعلام الموقعين " (٢/٣٠٢ و ٣٧٠) ، وكتاب الفلاني
المسمى " إيقاظ همم أولي الأبصار، للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، وتحذيرهم عن
الابتداع الشائع في القرى والأمصار، من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء
الأعصار "، وهو كتاب فَذّ في بابه، يجب على كل محبٍّ للحق أن يدرسه دراسة تفهم وتدبر.
(١) الخطاب للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. رواه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي "
(ص ٩٤ - ٩٥) ، وأبو نعيم في " الحلية " (٩/١٠٦) ، والخطيب في " الاحتجاج بالشافعي "
(٨/١) ، وعنه ابن عساكر (١٥/٩/١) ، وابن عبد البر في " الانتقاء " (ص ٧٥) ، وابن الجوزي
في " مناقب الإمام أحمد " (ص ٤٩٩) ، والهروي (٢/٤٧/٢) من ثلاثة طرق عن عبد الله بن
أحمد بن حنبل عن أبيه: أن الشافعي قال له: ... فهو صحيح عنه؛ ولذلك جزم بنسبته
إليه ابن القيم في " الإعلام " (٢/٣٢٥) ، والفلاني في " الإيقاظ " (ص ١٥٢) ، ثم قال:
" قال البيهقي: ولهذا كَثُر أخذه - يعني: الشافعي - بالحديث، وهو أنه جمع علم أهل
الحجاز، والشام، واليمن، والعراق، وأخذ بجميع ما صح عنده من غير محاباة منه، ولا ميل
إلى ما استحلاه من مذهب أهل بلده؛ مهما بان له الحق في غيره، وفيمن كان قبله من =

<<  <  ج: ص:  >  >>