للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


وأما الإلزام الذي قبله؛ فهو إلزام قوي، لا جواب لهم عليه.
الوجه الثاني: سلمنا - جدلاً - أن الآية واردة في تقدير القراءة - كما زعموا -؛
فمن أين لهم تقدير ذلك بآية، أو ثلاث آيات؟ فلو عارضهم معارض، فقدرها بآيتين، أو
بأربع، أو بست؛ فبماذا يجيبونه؟ وما الفرق بينه وبينهم؟! والنظر الصحيح يقتضي - بناء
على هذا التسليم - أن المفروض ما تيسر من القراءة؛ بدون تحديد، وذلك يختلف
باختلاف المصلين، فمن كان ميسوراً عليه أن يقرأ بسورة {البَقَرَة} - مثلاً -؛ فيفترض
عليه أن يقرأ بها. وهذا مما لا يقولون به.
الوجه الثالث: أن يقال: هَبُوا أن ما فهمتموه من الآية صحيح؛ فغاية ما تفيد
فرضيةَ القراءة، لا ركنيتها؛ فمن أين لكم القول بركنيتها، المستلزم لبطلان الصلاة
بتركها؟!
فإن قالوا: هو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا صلاة إلا بقراءة ". - أخرجه مسلم (٢/١٠) وغيره من حديث أبي هريرة -.
قلنا: هذا مطلق، قيده أبو هريرة في أحاديثه الأخرى - وقد مضت -؛ فلا حجة لكم فيه.
ولعله من أجل هذا ذهب بعض علمائنا الحنفية إلى أنها ليست بركن؛ ومنهم الغزنوي
صاحب " الحاوي القدسي " - كما في " البحر الرائق " (١/٣٠٨، ٣٠٩) - ثم نقول - وهو -:
الوجه الرابع: قد تبين مما سلف أنهم قيدوا الآية بآرائهم، ولم يدعوها مطلقة،
وإلا؛ لزمهم ما ذكرنا. فحينئذٍ يقال:
إذا كان ولا بد من تقييدها؛ فتقييدها بالنص الصحيح الثابت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير من
تقييدها بالرأي المحض. وقولهم: إن ذلك لا يجوز؛ لأنه خبر آحادي، ولا يجوز الزيادة به
على القرآن. لا يفيدهم شيئاً؛ لأننا نقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>