إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهُمْ} . ثم إن سلمنا أنه زيادة على القرآن؛ فما الدليل على أنه لا يجوز الزيادة عليه بالخبر الصحيح؟! وأعتقد أن الحنفية هم أول من خالف هذه القاعدة التي قرروها بأنفسهم؛ فكم من أحكام زادت على القرآن، اعتماداً على الحديث الصحيح؛ بل وعلى الرأي المحض في كثير من المواقف؛ ولا يتسع المقام لضرب الأمثلة على ذلك! (*) ثم إنما ينفعهم قولهم ذلك لو أنهم لم يزيدوا على الآية بآرائهم، أما وقد فعلوا؛ فما أوردوه علينا وارد عليهم من باب أولى - كما لا يخفى -؛ على أنا نقول - وهو -: الوجه الخامس: إننا لا نُسَلِّم أن الحديث آحادي؛ فقد ذكرنا له طرقاً كثيرة عن جمع من الصحابة يخرج بها قطعاً من كونه خبراً آحادياً؛ وإنما قال ذلك الفقهاء، وإنما يؤخذ بقولهم فيما هو اختصاصهم من الفقه، وأما أقوالهم في الحديث؛ فليست بحجة، لاسيما إذا كانوا من الفقهاء الجامدين على الفقه الذين يحتجون بأحاديث ضعيفة؛ بل موضوعة - كأغلب فقهاء الحنفية -، ولا سيما إذا كان قولهم مخالفاً لقول بعض أئمة الحديث، وعلى الأخص إذا كان هذا أمير المؤمنين في الحديث - وهو الإمام البخاري -؛ فقد نص على أن هذا الحديث متواتر؛ فقال في " جزء القراءة " (٤) : " وتواتر الخبر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة إلا بقراءة {أم القرآن} " ". وحينئذٍ يجوز الزيادة بهذا الخبر على القرآن؛ على قواعد الحنفية أنفسهم. وقد ذكَّرتني بعض هذه القواعد إيراداً آخر يرِد عليهم، وهو: