وقد وجدت له شاهداً مرسلاً بمعناه. أخرجه الحازمي في " الاعتبار " (٧٣) من طريق أبي العالية قال: كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ؛ قرأ أصحابه أجمعون خلفه، حتى أنزلت: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ؛ فسكت القوم، وقرأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذا أخرجه عبد بن حميد، وأبو الشيخ، والبيهقي في " القراءة " - كما في " إمام الكلام " (٧٨) -. وله شاهد مرسل آخر مضى قريباً. ثم رواه الحازمي موصولاً من حديث ابن عباس. وفيه ابن لهيعة. إذا علمت ذلك؛ فقد احتج بالحديث من ذهب إلى منع القراءة وراء الإمام في الجهرية، وهم جمهور العلماء؛ كالأئمة الثلاثة، وغيرهم - كما سبق -، وهو اختيار أكثر أصحاب الحديث؛ كما قال الترمذي، لكن ذكر هو والبيهقي وغيرهما أن الحديث لا يدل على ذلك؛ لأن أبا هريرة الذي روى هذا الحديث قد صح عنه أنه سئل في قراءة {الفَاتِحَة} وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك. أخرجه مسلم (٢/٩ - ١٠) ، وغيره. فلو كان الحديث ثابتاً، أو كان دالاً على المنع؛ لما أفتى بخلاف ذلك. قلت: لو كانت هذه الحجة صحيحة؛ للزم منها رد كثير من السنن الصحيحة، ولكان أول من يخالفها هم الذين أوردوها في هذا المكان، كما لا يخفى على البصير.