للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


السنة سكتات تتسع لقراءة {الفَاتِحَة} . ويأتي بيان ذلك قريباً إن شاء الله.
وبالجملة؛ فإن هذا الحديث قد أظهر اضطراب العلماء أحياناً في قواعدهم وفي
فروعهم؛ تأييداً لمذاهبهم؛ فالحنفية أخذوا بالحديث، وليس على قواعدهم؛ فكان عليهم
إما: أن يردوه - كما ردوا حديث الولوغ وغيره -، أو: أن يُعَدِّلوا هذه القاعدة لما هو الحق.
وقد أشار إلى ذلك أبو الحسنات - وهي من حسناته -.
والشافعية عكسوا ذلك؛ فلم يأخذوا به، وأجابوا عنه بما هو مخالف لقاعدتهم،
فكان عليهم إما: أن يَدَعوها ليصحَّ جوابهم، أو: يظلوا متمسكين بها، ويأخذوا
بالحديث، وهو الصواب. و: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} .
هذا، وأيد الجمهور مذهبهم هذا بالآية السابقة الذكر، وسبب نزولها - وقد ذكرناه
آنفاً -، وقال ابن تيمية في " الفتاوى " (٢/١٤٢ - ١٤٣) :
" إنه استفاض عن السلف أنها نزلت في القراءة في الصلاة، وذكر الإمام أحمد
الإجماع على أنها نزلت في ذلك، وذكر الإجماع على أنه لا تجب القراءة على المأموم
حال الجهر.
ثم نقول: قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .
لفظ عام، فإما أن يختص في القراءة في الصلاة، أو في القراءة في غير الصلاة، أو
يعمهما.
والثاني باطل قطعاً؛ لأنه لم يقل أحد من المسلمين، أنه يجبُ الاستماع خارج
الصلاة، ولا يجب في الصلاة. ولأن استماع المستمع إلى قراءة الإمام الذي يأتم به،
ويجب عليه متابعته؛ أولى من استماعه إلى قراءة من يقرأ خارج الصلاة، [وذلك]
داخل في الآية: إِما على سبيل الخصوص، وإما على سبيل العموم. وعلى التقديرين؛

<<  <  ج: ص:  >  >>