عبد الله بن شداد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسنده بعضهم، ورواه ابن ماجه مسنداً، وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن والسنة، وقال به جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومرسِله من أكابر التابعين، ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم. وقد نص الشافعي على جواز الاحتجاج بمثل هذا المرسل. فتبين أن الاستماع إلى قراءة الإمام أمر دل عليه القرآن دلالة قاطعة، ولأن هذا من الأمور الظاهرة التي تحتاج إليها الأمة؛ فكان بيانها في القرآن بما يحصل به المقصود، وجاءت السنة بموافقة القرآن ". ثم ذكر هذا الحديث الذي نتكلم عليه، وقواه، ورد على البيهقي تضعيفه إياه بنحو ما ذكرنا آنفاً، ثم ساق أيضاً الحديث الآتي بعده - وسنعلق كلامه عليه هناك (*) -، ثم قال: " وأيضاً: فلو كانت القراءة في الجهر واجبة على المأموم؛ للزم أحد أمرين: إما أن يقرأ مع الإمام، وإما أن يجب على الإمام أن يسكت له حتى يقرأ. ولم نعلم نزاعاً بين العلماء أنه لا يجب على الإمام أن يسكت ليقرأ المأموم {الفَاتِحَة} ولا غيرها، وقراءته معه منهي عنها بالكتاب والسنة، فثبت أنه لا تجب عليه القراءة معه في حال الجهر؛ بل نقول: لو كان قراءة المأموم في حال الجهر مستحبة؛ لاستحب للإمام أن يسكت ليقرأ المأموم، ولا يستحب للإمام السكوت ليقرأ المأموم عند جماهير العلماء، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم، وحجتهم في ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يسكت ليقرأ المأمومون، ولا نقل أحد هذا عنه؛ بل ثبت عنه في " الصحيح " سكوته بعد تكبيرة الافتتاح.