وهكذا رواه الطيالسي (٣٠٠) عن هَمَّام، وأبو داود (١/٢٢١) عن سعيد - وهو: ابن أبي عروبة -؛ كلاهما عن قتادة به. ثم قال الترمذي: " حسن صحيح ". قلت: ورجاله رجال الشيخين. قال الحافظ (٩/٧٨) : " وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود: " اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث ". واعلم أن الظاهر من اختلاف روايات هذا الحديث أن القصة تكررت بينه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين ابن عمرو، وأنه عليه الصلاة والسلام لم يتنزَّل معه إلى الثلاث في مجلس واحد؛ بل في مجالس. وإلى ذلك جنح الحافظ في " الفتح ". ويحتمل أن القصة واحدة، وأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظه الآخر، ولكن يمنع القولَ بهذا ما ثبت في رواية: أنه منعه من القراءة في أقل من خمس، وفي أخرى في أقل من سبع؛ فلا مناص من القول بتعددها، وإلا؛ لزم ردُّ بعض الروايات الصحيحة، أو ضرب بعضها ببعض! وهذا لا يجوز ما أمكن الجمع بينها. قال الحافظ: " فلا مانع أن يتعدد قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن عمرو ذلك؛ تأكيداً، ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق، وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعُرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق؛ وهو النظر إلى عَجْزِه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل، وأغرب بعض الظاهرية فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أَقل من ثلاث. وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة؛ فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ".