" من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لم يفقهه ". وهذا نص عام شامل لجميع الأشخاص، وفيه التقدير بثلاث ليال؛ فكيف يقال: إنه لا تقدير في ذلك؟! فقد ذكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن كل من يقرأ القرآن في أقل من ثلاث لا يفقهه، ولا يفهمه الفهم المقصود من تلاوة القرآن. كما قد أشار إلى ذلك قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} . وقال ابن مسعود: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ فهو راجز. هَذٌّ كهَذِّ الشعر، ونثر كنثر الدِّقَل. وكان معاذ بن جبل لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. ذكرهما ابن نصر (٦٣) . وقد نسب - عليه الصلاة والسلام - كل من خالف ذلك إلى عدم الفقه - كما هو ظاهر معنى الحديث المذكور باللفظ الثاني -. فالحق أنه لا يجوز قراءة القرآن في أقل من ذلك. وهو اختيار الإمام أحمد وغيره من الأئمة - كما سلف -. وقال الحافظ ابن كثير في " فضائل القرآن " (ص ١٧٢) : " وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث، كما هو مذهب أبي عُبيد وإسحاق بن راهويه، وغيرهما من الخلف أيضاً، وثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤوا القرآن في أقل من ذلك، وهو محمول على أنه ما بلغهم في ذلك حديث مما تقدم، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤونه مع هذه السرعة ". قلت: والجواب الصحيح هو الأول، وأما هذا؛ فمخالف لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لم يفقهه " - كما بينا -. ولم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ