للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


وقوله: " يتغنى بالقرآن "؛ اختُلف في المراد من (التغني) على خمسة أقوال؛ ذكرها
في " الفتح "، والصحيح - كما قال النووي في " شرح مسلم " - أنه: تحسين الصوت، قال:
" وهو قول أكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون ".
ويؤيده قوله: " يجهر به ". وكذا قوله: " حسن الترنم ". فإن الترنم - كما قال الطبري -
لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القارئ، وطرَّب به. ولذلك قال الحافظ:
" وظواهر الأخبار ترجح أن المراد تحسين الصوت ". قال:
" ولا شك أن النفوس تميل إِلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن
للتطريب تأثيراً في رقة القلب، وإجراء الدمع ". اهـ. وقال ابن القيم (١/١٩٣) :
" وذلك عَوْنٌ على المقصود، وهو بمنزلة الحلاوة التي تُجعل في الدواء؛ لتُنفِذه إلى
موضع الداء، وبمنزلة الأفاويه والطِّيب الذي يُجعل في الطعام؛ لتكون الطبيعة أدعى له
قَبُولاً، وبمنزلة الطِّيب والتحلِّي وتجمُّل المرأة لبعلها؛ ليكون أدعى إلى مقاصد النكاح ".
قال السيد رشيد رضا رحمه الله:
" كثيراً ما رأينا بعض أدباء النصارى يرغبون في سماع القرآن من القراء المجودين،
ويعترفون بقوة تأثيره في القلوب.
وفي " الصحيح " أن المشركين كانوا يؤذون أبا بكر رضي الله عنه، ويمنعونه من الصلاة
في المسجد الحرام، ثم حاولوا منعه من رفع صوته بالقرآن في بيته؛ لما رأوا من إقبال

<<  <  ج: ص:  >  >>