بعض علماء الإفرنج ما كان لتلاوة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للقرآن من التأثير العظيم في جذب العرب إلى الإسلام، واعترف بأنه كان أشد تأثيراً من جميع معجزات الأنبياء في هداية الناس ". اهـ. ثم قال الحافظ: " وكان بين السلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان. أما تحسين الصوت وتقديم حَسَنِ الصوت على غيره؛ فلا نزاع في ذلك ". ثم ذكر أقوال العلماء في القراءة بالألحان، وحكى جوازه عن جماعة من الصحابة والتابعين، وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية. ثم قال: " ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير - قال النووي في " التبيان ": - أجمعوا على تحريمه ". اهـ. وقد ذكر ابن القيم في " الزاد " أقوال الفريقين المبيحين للقراءة بالألحان والمانعين (١/١٩١ - ١٩٥) ، ثم قال: " وفصل النزاع أن يقال: التطريب والتغنِّي على وجهين: أحدهما: ما اقتضته الطبيعة، وسمحت به من غير تكلُّف، ولا تمرين وتعليم؛ بل إذا خُلِّيَ وطَبْعَه، واسترسلت طبيعته؛ جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز، وإن أعان طبيعتَه فضلُ تزيين وتحسين؛ كما قال أبو موسى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو علمتُ أنك تسمع؛ لحبّرتُه لك تحبيراً. والحزين، ومن هاجه الطرب والحب والشوق لا يملك من نفسه دفع التحزين والتطريب في القراءة، ولكن النفوس تقبله، وتستحليه؛ لموافقته الطبع، وعدم التكلف،