فقال: يجوز للحنفي الاقتداء بمن خالف مذهبنا من المجتهدين وتقليدهم، وإن رأى ما يبطل الصلاة على رأيه ومذهبه. ونقل ابن الهُمام عن شيخه سِراج الدين الشهير بـ: (قارئ " الهداية ") : أنه كان يعتقد قول الرازي حتى أنكر مرة أن يكون فساد الصلاة بذلك مروياً عن المتقدمين. وللشيخ محمد عبد العظيم بن فَرُّوخ رسالة اعتمد فيها قول الرازي، وبنى رسالته عليه؛ حيث قال: هذا (يعني: قول الرازي) هو المنصور درايةً، وإن اعتمدوا خلافه روايةً، وهو الذي أميل إليه. وعليه يتمشى ما ذهبنا إليه في هذه الوُرَيقات ". ثم قال مُحَرِّر هذا البحث، وهو الأستاذ الفاضل محمد الخضر حسين: " وذهب أبو بكر محمد بن علي القَفَّال - من أكابر علماء الشافعية - إلى أن العبرة باعتقاد الإمام؛ فيصح اقتداء الشافعي بالحنفي أو المالكي، إذا أتى بالصلاة على الوجه الصحيح في مذهبه، وإن لم تكن صحيحة على مذهب المأموم، وتحقق المأموم ذلك ". قال الأستاذ الفاضل: " ووجه هذا المذهب: أن الأصل صحة اقتداء المسلمين بعضهم ببعض. ومن ذهب إلى عدم الصحة؛ فعليه إقامة الدليل. ولم نر للقائلين بعدم الصحة إلا دليلاً؛ هو اعتقاد المأموم أن إمامه على خطأ؛ وهذا غير كافٍ في الاستدلال؛ لأن المأموم يعتقد مع ذلك أن عمل الإمام صحيح عند الله؛ إذ كل مجتهد مطالب بأن يعمل على مقتضى اجتهاده، ومن قلده إنما يعمل على مقتضى هذا الاجتهاد، وإذا كان عمل المجتهد أو من يقلده صحيحاً عند الله تعالى؛ فما المانع من الاقتداء به؟! ثم إن السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين كانوا يختلفون في الفروع، ولم يُنقَل عن أحد منهم أنه تحرَّج من الاقتداء بمن يخالفه في اجتهاده ". اهـ.