للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمر بهما (المسيء صلاته) فقال له:

" إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء، كما أمره الله ... ثم

يكبر الله، ويحمده، ويمجده، ويقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله وأذن له

فيه، ثم يكبر، ويركع، [ويضع يديه على ركبتيه] ، حتى تطمئن مفاصله

وتسترخي ... " الحديث (١) .


وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده - و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} -، والمأموم
قد فعل ما وجب عليه؛ كانت صلاة كل منهما صحيحة، وكان كل منهما قد أدى ما
يجب عليه، وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة.
وقول القائل: إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام. خطأ منه؛ فإن المأموم يعتقد أن
الإمام فعل ما وجب عليه، وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه، وأنه لا تبطل صلاته لأجل
ذلك، ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلم الإمام خطأً، واعتقد المأموم جواز متابعته، فسلَّم
- كما سلَم المسلمون خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سلم من اثنتين سهواً، مع علمهم بأنه إنما
صلى ركعتين، وكما لو صلى خمساً سهواً؛ فصلوا خلفه خمساً؛ كما صلى الصحابة
خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صلى بهم خمساً؛ فتابعوه، مع علمهم بأنه صلى خمساً؛ لاعتقادهم
جواز ذلك -؛ فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال، فكيف إذا كان المخطئ هو الإمام
وحده؟!
وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلم خطأً؛ لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه،
ولو صلى خمساً، لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه؛ فدلَّ ذلك على أن ما فعله الإمام
خطأً لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم. والله أعلم ".
(١) ثبت ذلك في بعض طرق الحديث من رواية رِفاعة بن رافع. وقد مضى في
(التكبير) [ص ١٨١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>