" إن معنى الحديث: (قولوا: " ربنا! لك الحمد " مع ما قد علمتموه من قول: " سمع الله لمن حمده ") . وإنما خص هذا بالذكر؛ لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ: " سمع الله لمن حمده ". فإن السنة فيه الجهر، ولا يسمعون قوله: " ربنا! لك الحمد "؛ لأنه يأتي به سراً - كما سبق بيانه -. وكانوا يعلمون قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلوا كما رأيتموني أصلي ". مع قاعدة التأسي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مطلقاً، وكانوا يوافقون في: " سمع الله لمن حمده "؛ فلم يحتج إلى الأمر به، ولا يعرفون: " ربنا! لك الحمد "؛ فأمروا به ". قال الحافظ (٢/٢٢٥) : " وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين - كما تقدم -؛ من أنه لا يلزم من قوله: " إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ فقولوا: آمين ". أن الإمام لا يُؤَمّن بعد قوله: {وَلَا الضَّالّيِنَ} . وليس فيه أن الإمام يؤمن، كما أنه ليس في هذا أنه يقول: " ربنا! لك الحمد ". لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة؛ كما تقدم في (التأمين) ، وكما مضى في هذا الباب؛ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجمع بين التسميع والتحميد. وأما ما احتجوا به - من حيث المعنى - من أن معنى: " سمع الله لمن حمده ": طلب التحميد؛ فيناسب حالَ الإمام، وأما المأموم؛ فتناسبه الإجابة بقوله: " ربنا! لك الحمد ". ويقويه حديث أبي موسى الأشعري عند مسلم وغيره؛ ففيه: " وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) ؛ فقولوا: (ربنا! ولك الحمد) . يسمع الله لكم ". فجوابه أن يقال: لا يدل ما ذكرتم على أن الإمام لا يقول: (ربنا! لك الحمد) . إذ لا يمتنع أن يكون طالباً ومجيباً. وهو نظير ما تقدم في مسألة التأمين؛ من أنه لا يلزم من كون الإمام داعياً والمأموم مُؤَمِّناً أن لا يكون الإمام مُؤَمِّناً ". قال: " وقضية ذلك أن الإمام يجمعهما، وهو قول الشافعي، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، والجمهور، والأحاديث الصحيحة تشهد له ". ثم قال: