للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..............................................................................


ونحوه - وأوضح منه - قول النووي في " المجموع " (٣/٤٢٠) :
" إن معنى الحديث: (قولوا: " ربنا! لك الحمد " مع ما قد علمتموه من قول: " سمع
الله لمن حمده ") . وإنما خص هذا بالذكر؛ لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ:
" سمع الله لمن حمده ". فإن السنة فيه الجهر، ولا يسمعون قوله: " ربنا! لك الحمد "؛ لأنه
يأتي به سراً - كما سبق بيانه -. وكانوا يعلمون قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلوا كما رأيتموني أصلي ".
مع قاعدة التأسي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مطلقاً، وكانوا يوافقون في: " سمع الله لمن حمده "؛ فلم يحتج
إلى الأمر به، ولا يعرفون: " ربنا! لك الحمد "؛ فأمروا به ". قال الحافظ (٢/٢٢٥) :
" وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين - كما تقدم -؛ من أنه لا يلزم من قوله: " إذا
قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ فقولوا: آمين ". أن الإمام لا يُؤَمّن بعد قوله: {وَلَا الضَّالّيِنَ} .
وليس فيه أن الإمام يؤمن، كما أنه ليس في هذا أنه يقول: " ربنا! لك الحمد ". لكنهما
مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة؛ كما تقدم في (التأمين) ، وكما مضى في
هذا الباب؛ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجمع بين التسميع والتحميد.
وأما ما احتجوا به - من حيث المعنى - من أن معنى: " سمع الله لمن حمده ": طلب
التحميد؛ فيناسب حالَ الإمام، وأما المأموم؛ فتناسبه الإجابة بقوله: " ربنا! لك
الحمد ". ويقويه حديث أبي موسى الأشعري عند مسلم وغيره؛ ففيه:
" وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) ؛ فقولوا: (ربنا! ولك الحمد) . يسمع الله لكم ".
فجوابه أن يقال: لا يدل ما ذكرتم على أن الإمام لا يقول: (ربنا! لك الحمد) . إذ لا
يمتنع أن يكون طالباً ومجيباً. وهو نظير ما تقدم في مسألة التأمين؛ من أنه لا يلزم من
كون الإمام داعياً والمأموم مُؤَمِّناً أن لا يكون الإمام مُؤَمِّناً ". قال:
" وقضية ذلك أن الإمام يجمعهما، وهو قول الشافعي، وأحمد، وأبي يوسف،
ومحمد، والجمهور، والأحاديث الصحيحة تشهد له ". ثم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>