وغيره، وسئل الإمام أحمد: هل يشير الرجل بإصبعه في الصلاة؟ قال: " نعم؛ شديداً ". ذكره ابن هاني في " مسائله عن الإمام أحمد " (ص ٨٠) . قلت: ومنه يتبين أن تحريك الإصبع في التشهد سنة ثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عمل بها أحمد وغيره من أئمة السنة؛ فليتق الله رجال يزعمون أن ذلك عبث لا يليق بالصلاة؛ فهم من أجل ذلك لا يحركونها مع علمهم بثبوتها، ويتكلفون في تأويلها بما لا يدل عليه الأسلوب العربي، ويخالف فهم الأئمة له! ومن الغرائب: أن بعضهم يدافع عن الإمام في غير هذه المسألة - ولو كان رأيه فيها مخالفاً للسنة -؛ بحجة أن تخطئة الإمام يلزم منها الطعن فيه وعدم احترامه! ثم ينسى هذا؛ فيرد هذه السنة الثابتة، ويتهكم بالعاملين بها، وهو يدري - أو لا يدري - أن تهكمه يصيب أيضاً هؤلاء الأئمة الذين من عادته فيهم أن يدافع عنهم بالباطل، وهم هنا أصابوا السنة! بل إن تهكمه به يصيب ذات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه هو الذي جاءنا بها، فالتهكم بها تهكم به، {فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلَّا ... } ؟!} . وأمأ قول الشيخ علي القاري في " تزيين العبارة " (١٧) : " إن الصحيح المختار عند جمهور أصحابنا أنه يشير بالمسبّحة؛ رافعاً لها عند النفي واضعاً لها عند الإثبات، ثم يستمر على ذلك؛ لأنه ثبت العقد عند الإشارة بلا خلاف، ولم يوجد أمر يُغَيِّرُهُ؛ فالأصل إبقاء الشيء على ما هو عليه، واستصحابه إلى آخر أمره ومآله إليه ". فكلام غير صحيح من حيث الدليل؛ لأنه مبني على أن الوضع ثابت في السنة بعد الرفع، وليس كذلك - كما سبق -.