ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ... } الآية. قال الحافظ: " وهذا البلاغ لا يصح؛ لانقطاعه عن الزهري عمن بلغه. ثم إن قصة رِعْل وذكوان كانت بعد أحد، ونزول: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} كان في قصة أحد - كما سيأتي [ص ٩٦٠ - ٩٦٢]-؛ فكيف يتأخر السبب عن النزول؟! ". والحديث فيه استحباب الجهر بدعاء القنوت، وعليه الشافعية في أصح الوجهين عندهم، وقال النووي (٣/٥٠٢) : " والصحيح أو الصواب استحباب الجهر؛ ففي " البخاري " عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهر في قنوت النازلة وفي الجهر بالقنوت أحاديث كثيرة صحيحة ". وهو اختيار الإمام أحمد؛ فقد قال أبو داود في " مسائله " (٦٧) : " سمعت أحمد سئل عن القنوت؟ فقال: الذي يعجبنا أن يقنت الإمام، ويؤمِّنَ من خلفه ". قلت: وذلك هو المنقول عن الصحابة؛ ففي " قيام الليل " لابن نصر (١٣٧) : عن أبي عثمان النَّهْدي: كان عمر يقنت بنا في صلاة الغداة؛ حتى يسمع صوته من وراء المسجد. وعن الحسن: أن أُبي بن كعب أَمَّ الناس في رمضان؛ فكان يقنت في النصف الآخر حتى يسمعهم الدعاء.