وأيضاً فإن أبا حميد إنما ذكر هذه الصفة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجلسة التي في التشهد الثاني؛ فإنه ذكر صفة جلوسه في التشهد الأول، وأنه كان يجلس مفترشاً، ثم قال: وإذا جلس في الركعة الآخرة. وفي لفظ: فإذا جلس في الركعة الرابعة ". وينبغي أن نسوق أدلة كل مذهب من المذاهب المذكورة؛ ليظهر الحق منها: أما المدهب الأول: فاحتج أصحابه بثلاثة أحاديث: الأول: عن عائشة قالت: وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى ... الحديث. وقد سبق في (افتتاح الصلاة) . وهو بعمومه حجة ظاهرة؛ لأنها ذكرت ذلك بعد قولها: في كل ركعتين التحية. فقولها: وكان يفرش ... إلخ؛ كأنه نص أنه في كل ركعتين أيضاً؛ لكن الحديث - وإن كان في " صحيح مسلم "؛ فهو - معلّ بالانقطاع كما بَيَّنَّاه هناك. ولو صح؛ لقلنا بجواز الافتراش في التشهد الأخير، وأنه سنة أحياناً، لكنه لم يصح. الثاني: عن وائل بن حُجْر قال: فلما قعد للتشهد؛ فرش رجله اليسرى، ثم قعد عليها، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد أصابعه، وجعل حلقة بالإبهام والوسطى، ثم جعل يدعو بالأخرى. أخرجه النسائي (١/١٤١) ، والدارمي (١/٣١٤) ، وأحمد (٤/٣١٨) ، والطحاوي