" إنَّ هذا كان غير عالم بوجوبها، معتقداً أنها غير واجبة؛ فلم يأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإعادة، وأَمَرَه في المستقبل أن يقولها. فأَمْرُه بقولها في المستقبل دليل على وجوبها. وتَرْكُ أمرِه بالإعادةِ دليلٌ على أنه يعذر الجاهل بعدم الوجوب، وهذا كما لم يأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (المسيء) في الصلاة بإعادة ما مضى من الصلوات - وقد أخبر أنه لا يحسن غير تلك الصلاة - عذراً له بالجهل. فإن قيل: فلِمَ أمره أن يعيد تلك الصلاة، ولم يعذره بالجهل؟ قلنا: لأن الوقت باق، وقد علم أركان الصلاة؛ فوجب عليه أن يأتي بها. فإن قيل: فهلا أمر تارك الصلاة عليه بإعادة تلك الصلاة، كما أمر (المسيء) ؟ قلنا: أمرُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة عليه فيها مُحْكَمٌ ظاهر في الوجوب. ويحتمل أن الرجل لما سمع ذلك الأمر من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بادر إلى الإعادة من غير أن يأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويحتمل أن تكون الصلاة نفلاً؛ لا تجب عليه إعادتها. ويحتمل غير ذلك؛ فلا يترك الظاهر من الأمر - وهو دليل محكم - لهذا المشتبه المحتمل. والله سبحانه وتعالى أعلم ". ومما يدلك على قوة هذا الجواب أنه ثبت في " صحيح مسلم " (٢/٧٠) وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي: أنه تكلم في الصلاة فقال: وا ثُكل أمِّياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ ... الحديث.