للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك.، وهي الأحاديث المشهورة، وقد اعتدَّ بها الحنفية. والدرجة الثالثة: ما رواه واحدٌ من الصحابة ثم أخذه عنه واحدٌ من التابعين وهكذا إلى عصر تدوين الحديث .. وهذه الأحاديث هي التي تسمَّى أخبار الآحاد، وهي معظم ما في كتب السنة المطهرة. ولا بد من التنبيه هنا إلى أنه رغم اختلاف هذه المراتب الثلاث في درجة الثبوت، فإن الثلاثة لا اختلاف بين العلماء في وجوب العمل بها.

ومسألة وجوب العمل بخبر الواحد في ثبوت الأحكام هي مما أجمع عليه الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم في كل عصر. قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر النمري القرطبي (٣٦٨ - ٤٦٣): "أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل.، وإيجابِ العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع".

وقال الإمام محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (-٦٧١): "وهو - أي وجوب العمل بخبر الواحد العدل - مُجْمَعٌ عليه من السلف، معلومٌ بالتواتر من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في توجيهه ولاتَه ورسلَه آحادًا للآفاق ليعلِّموا الناس دينَهم، فيبلغوهم سنةَ رسولهم - صلى الله عليه وسلم - من الأوامر والنواهي".

ولا شك أن هذا الواحد الذي يجب العمل بما يرويه ويخبر به له شروط وأوصاف يجب أن تتحقق فيه لكي تقبل روايته، ويُعمل بخبره، هذا أمرٌ بدهي، ولذلك قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [سورة الحجرات: ٦]، وفي قراءة حمزةَ بن حبيبٍ (٨٠ - ١٥٦) وعلي بن حمزةَ الكسائي (١١٩ - ١٨٩): {فَتَثَبَّتُوا} فمفهوم الآية أنه إذا جاء النبأُ عن صالحٍ ثقةٍ يُقبل ولا حاجة إلى التثبت معه، وإنما يجب التثبت مع الفاسق.

<<  <   >  >>