للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرج أبو داود في باب لزوم السنة عن المقدام بن مَعْدي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه. ألا يوشكُ رجلٌ شبعانُ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلالٍ فأحلُّوه، وما وجدتم فيه من حرامٍ فحرِّموه. ألا لا يحلُّ لكم الحمار الأهليُّ إلخ الحديث».

ومعناه فيما ذكره الإمام أبو سليمانَ الخَطَّابي (٣١٩ - ٣٨٨) يحتمل وجهين من التأويل:

"أحدهما: أن يكون معناه أنه أُوتي من الوحي الباطن غيرِ المَتْلُوِّ مثلَ ما أُعطي من الظاهر المتلوِّ. ويحتمل أن يكون معناه أنه أُوتي الكتاب وحيًا يُتلى، وأُوتي من البيان.، أي أُذن له أن يُبَيِّنَ ما في الكتاب، ويَعُمَّ ويَخُصَّ، وأن يزيد عليه فيُشرِّعَ ما ليس له في الكتاب ذِكر، فيكونُ ذلك في وجوب الحكم، ولزومِ العمل به كالظاهر المتلوِّ من القرآن".

ثم قال: "وفي الحديث دليلٌ على أنه لا حاجة بالحديث أن يُعرَضَ على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان حجةً بنفسه. فأما ما رواه بعضهم أنه قال: "إذا جاءكمُ الحديثُ فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه وإن خالفه فدعوه"، فإنه حديثٌ باطل لا أصل له. وقد حكى زكريا بن يحيى الساجيُّ (-٣٠٧) عن يحيى بن مَعينٍ (-٢٣٣) أنه قال: "هذا حديثٌ وضعته الزنادقة".

وزُبدة الكلام أننا على مذهب أهل السنة والجماعة، من الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، ومن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، نعتقد جازمين بصحة ما أخرجه البخاري في هذا الكتاب من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام. ونعتقد أن ما في صحيح البخاري من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة يجب قبوله والعمل به عند المجتهد بالشروط المعروفة، كأن لا يكون منسوخًا، وإن كان عدد من رواه لا يزيد

<<  <   >  >>