والشدائد. ومن أمثلة ذلك موقفه من قضية خلق أفعال العباد وأن ألفاظنا من جملة أفعالنا. فقد روي أنه لما دخل البخاريُّ مدينة مروَ استقبله عالمُ مروَ الإمام الحافظ أحمد بن سيار المروزي (-٢٦٨) فيمن استقبله، فقال له: يا أبا عبد الله، نحن لا نخالفك فيما تقول، ولكن العامة لا تحمِل ذا منك. فقال البخاري: إني أخشى النار: أُسألُ عن شيءٍ أعلمه حقًّا أن أقول غيره.
وكان البخاري شديد الزهد مقبلًا على الآخرة معرضًا عن زخارف الدنيا. دعاه أحد أصحابه إلى بستانٍ جميل قد أجرى الماءَ في أنهاره، وكان صاحب البستان مُعجَبًا به.، فسأل الإمامَ البخاريَّ: كيف ترى؟ فأجابه: هذه الحياة الدنيا.
وكان البخاري متعبدًا، يختم القرآن في رمضان في كل يوم ختمة. ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة. وكان يجتمع إليه أصحابه في رمضان فيصلي بهم إمامًا.، ويقرأ في كل ركعة قدر عشرين آية، يلازم ذلك إلى أن يختم.
وكان يحرص على تحرير نيته في كل عملٍ، يقول وراقه:
رأيته استلقى على قفاه يومًا ونحن بفربر في تصنيف كتاب التفسير، وكان أتعب نفسه في ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث، فقلت له: يا أبا عبد الله! سمعتك تقول يومًا: إني ما أتيت شيئًا بغير علمٍ قطُّ منذ عقلت، فأي علم في هذا الاستلقاء؟ فقال: أتعبنا أنفسنا في هذا اليوم، وهذا ثغرٌ من الثغور، خشيت أن يَحدثَ حدثٌ من أمر العدو، فأحببت أن أستريح وآخذ أُهبةَ ذلك، فإن غافصنا العدوُّ كان بنا حَراك. قوله: غافصنا.: أي أخذنا على حين غِرَّةٍ.