قَالَ: العفونة لَا تَخْلُو من أَن تكون فِي الْعُرُوق كلهَا بالسواء أَو فِي أعظمهاوأشرفها وَهِي الَّتِي فِيمَا بَين الحالبين والأبطين أَو فِي عُضْو وَاحِد أَصَابَهُ ورم أَو سوء مزاج حَار والعفن لَا يكون إِلَّا لعدم الْبدن بتحلل ماكان مِنْهُ يتَحَلَّل وَذَلِكَ يكون من سدد فِي أَفْوَاه الْعُرُوق أما لغلظ الأخلاط فِي جَوف الْعُرُوق أَو لكثرتها أَو للزوجتها عِنْدَمَا تميل إِلَى نَاحيَة سطح الْبدن دفْعَة أَعنِي الأخلاط)
الَّتِي فِي جَوف الْعُرُوق وَإِنَّمَا تميل إِلَى هَذِه النَّاحِيَة دفْعَة أما لرياضة شَدِيدَة أَو سير عنيف أَو من تغير هَوَاء أَعنِي من شدَّة برد إِلَى حر أَو لغضب فَأَنَّهُ قد يعرض من هَذِه أجمع السدة الَّتِي ذَكرنَاهَا.
لي جالينوس يعد حمى مَعَ ورم أَو مَعَ عفونة.
قَالَ جالينوس فِي الصِّنَاعَة الْكَبِيرَة: إِن فَسَاد الْغذَاء فِي الحميات زَائِد فِيهَا لِأَنَّهُ يُولد أخلاطاً ردية وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تعنى بالهضم فِي الحميات جدا أَشد الْعِنَايَة.
وَقَالَ: إِذا بردت الْأَطْرَاف عِنْد ابْتِدَاء الدّور وَصغر النبض جدا وانقبض الدَّم نَحْو وسط الْبَطن فَأَنَّهُ دور قوي مؤذ جدا وَبِالْعَكْسِ فاجتهد فِي أسخان الْأَطْرَاف بالدلك.
قَالَ فِي الْعِلَل والأعراض: إِذا كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل للنافض حاراً فشفاؤه إِن كَانَ بِلَا مَادَّة للتبريد وَإِن كَانَ بمادة فبالأستفراغ كالنافض الْحَادِث عَن صفراء فانه يحْتَاج إِلَى أستفراغ وَأَن كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل للنافض بَارِدًا وَكَانَ مَعَ مَادَّة فشفاؤه إِن كَانَ يَسِيرا بالإنضاج وَحده وَإِن كَانَ كثيرا فبالأستفراغ أَولا ثمَّ بالإنضاج لما بَقِي وَقد حصل أَن النضج هُوَ المنتهي بعد أَن تكون الطبيعة غالبة وَلذَلِك ترى الْأَمْرَاض الْبَارِدَة يطول مُنْتَهَاهَا لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى مُدَّة طَوِيلَة لينضج الْخَلْط الَّذِي عَنهُ تكون كَحمى البلغم وَأما الْحمى المحرقة فَأَنَّهَا تَنْتَهِي قَرِيبا جدا وعَلى هَذَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن تنْتَظر بحمى الرّبع وَلَا بحمى الغب والبلغم النضيج ثمَّ تستفرغ الْبدن لَكِن أَن كَانَ السَّبَب ضَعِيفا فأنك لَا تحْتَاج إِلَى استفراغه الْبَتَّةَ وَيَكْفِي أَن تسخن الْبَارِد ليقبل الأنضاج لِأَن النضج إِنَّمَا هُوَ تَشْبِيه بالطبيعة وتبرد الْحَار ليغير الطبيعة وَأَن كَانَ كثيرا استفرغ وأنضج الْبَاقِي. وَلست أعرف للأمتناع من الأستفراغ بالمسهل فِي البلغم وَالْغِب والسوداء وَجها أَلا أَن يُقَال أَن الْأَدْوِيَة المسهلة تهيج حرارة وَهَذِه الْحَرَارَة تكون حرارة غَرِيبَة فَتكون أعون للحمى على الطبيعة أَعنِي الْحر الغريزي هَهُنَا فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن لاتسقى دَوَاء مسهلاً بل تسقى دَوَاء بَارِدًا أَن خفت وَرَأَيْت الْحَرَارَة الغريزية قَوِيَّة أَو تدع الطبيعة بِحَالِهَا أَن رَأَيْتهَا تَعْنِي بِهِ إِلَى أَن تحيل الطبيعة أَكثر ذَلِك الْخَلْط وتقوى عَلَيْهِ وتستعمل جينئذ الأسهال لِأَن الْحَرَارَة الغريبة قد ضعفت وحرارة الدَّوَاء المسهل حِينَئِذٍ مَأْمُونَة وَفِي هَذَا وَجْهَان من أدخال الشَّك: أَحدهمَا أَن يُقَال إِذا كَانَت الطبيعة قد أحالت ذَلِك الخلطوأنضجته فَلَيْسَ يحْتَاج حِينَئِذٍ أَن يخرج عَن الْبدن لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَادَّة مُوَافقَة كالغذاء اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون يشكو كميتها وَذَلِكَ يُمكن أَن يسْتَدرك بالإمساك عَن الْغذَاء فَلَيْسَ)
للأستفراغ بعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute