للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النضج وَجه بتة لِأَنَّك حِينَئِذٍ إِنَّمَا تستفرغ المشاكل لَا الْمُخَالف. وَالثَّانِي أَنه قد تَجِد أدوية كَثِيرَة مسهلة لَا تهيج حرارة بل تمنع وتبرد وَأَيْضًا فَأن الدَّوَاء المسهل وَأَن كَانَ حاراً فَأَنَّهُ يبرد بِالْعرضِ أَكثر مِمَّا يسخن بالجوهر مِثَال ذَلِك: السقمونيا أَن أسخن بالجوهر فانه يبرد بِالْعرضِ أَكثر لِأَنَّهُ يخرج الصَّفْرَاء الَّتِي هِيَ مَادَّة الْحَرَارَة. فَأن أحدث حرارة فأنما يحدثها مُدَّة الأسهال فَقَط ثمَّ يؤول الْأَمر إِلَى الْبرد بِإِخْرَاجِهِ الْحَار عَن الْبدن وَخُرُوجه مَعَه وَيَنْبَغِي أَن نَحن تركنَا الْقيَاس أَلا نَدع العيان فَأَنا نجد الدَّوَاء الْحَار أذا لم يكن مسخناً أَن أَخذ مِنْهُ أسخن وَبَقِي أسخانه لابثاً لِأَنَّهُ لَا يعرض عَنهُ أَن يبرد بِعرْض فَأن كَانَ مَعَ أسخانه مسهلاً لخلط بَارِد فَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يسخن بالجوهر وَالْعرض جَمِيعًا مِثَال ذَلِك أَنه أَن سقِِي فِي حمى غب شَحم حنظل فَأَنَّهُ يسخن اولاً بجوهره وَثَانِيا بِالْعرضِ لأخراجه البلغم. وَبعد فَكيف صرنا فِي حمى الدَّم نبادر بالإستفراغ وَلَا تنْتَظر النضج. فَأن قيل لأَنا قد نقدر أَن نستفرغ من غير أَن نسخن لأَنا نخرج الدَّم بالفصد. قيل فاجعلوا لنا أَولا على هَذَا الْقيَاس أَن نخرج الصَّفْرَاء والسوداء والبلغم فِي الحميات أَن قَدرنَا على أخراجها بادوية لاتسخن وَأَنْتُم تأبون ذَلِك فَمَا الْعلَّة فَأن قَالُوا: أَن الدَّم نضيج لَا يحْتَاج أَن ينْتَظر بِهِ النضج وَإِنَّمَا تؤذي كميته قُلْنَا لَهُم فأمسكوا عَن الأستفراغ فِي هَذِه الْحمى أَن كَانَ هَذَا الْخَلْط مُوَافقا ودعوا الطبيعة تغتذى بِهِ أَولا فأولاً فَأن قَالُوا: أَنا نَخَاف ان يخرج وَجه حرارة الْحمى عَن المزاج الْمُوَافق فيسخن فضل سخونة قيل لَهُم: الصَّفْرَاء أَحَق بِأَن تصير إِذا تركت أحد وأحر وأخبث وَبعد فَأن الصَّفْرَاء والسوداء جَمِيعًا أنضج من الدَّم لِأَنَّهُمَا تَكُونَانِ بعده. فَأن قَالُوا: أَن النضج إِنَّمَا هُوَ تشبه بالطبيعي والصفراء أسخن والسوداء ابرد من الطبيعي وَيحْتَاج أَن تعْمل الطبيعة فِيهَا حَتَّى تشبهها بهَا قيل: فأذا أشبهته قد استغني عَن الأستفراغ إِلَّا من بَاب الكمية لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قد صَار دَمًا مُوَافقا فِي الْكَيْفِيَّة مُؤْذِيًا بالكمية وعَلى هَذَا الْقيَاس يجب أَن تدعى حمى الغب والسوداء والبلغم حَتَّى يَسْتَحِيل أخلاطها دَمًا مُوَافقا ثمَّ تفصدون أَن آذاكم كميته. وَأَنْتُم لاتفعلون ذَلِك وَلَو فعلتموه لَكَانَ مَعَ الْجَهْل والسخف أَشد خطأ وَذَلِكَ أَنا نرى العليل بعد مُنْتَهى هَذِه لَيْسَ إِنَّمَا يحْتَاج أَن يخرج دَمه بل يحْتَاج إِلَى زِيَادَة فِيهِ. وماتقولون أيمسك عَن اليرقان فَلَا تسهله بسقمونيا حَتَّى تنضج الطبيعة ذَلِك الْخَلْط. أَن فعلنَا هَذَا آل أمره إِلَى فَسَاد المزاج وَالِاسْتِسْقَاء وَمَا بالنا إِذا استفرغنا بسفمونيا لانجده بعد ذَلِك يزِيد فِي أسخانه وَكَثْرَة انتشار مراره وصبغ بَوْله واصفرار لَونه بل نجده ينقص فِي جَمِيع هَذِه)

الْأَشْيَاء وجلها وَفِي جملَة القَوْل أَنه أَن كَانَ يَنْبَغِي أَن يتْرك الطبيعة الْأَمْرَاض إِلَى أَن تنضجها فَأَنَّهُ لَيْسَ بهَا بعد النضج حَاجَة إِلَى طَبِيب بتة لأانها قد جعلت الْخَلْط الْفَاعِل لذَلِك الْمَرَض طبيعياً بأحالته إِلَيْهَا وَفِي هَذَا بطلَان الطِّبّ وَقَوْلِي أَن النضج أَنما يحْتَاج أَن يتفقد لأمر الْغذَاء فَقَط لِأَن الْغذَاء قبل النضج يُطِيل الأنتهاء لعمل الطبيعة فِيهِ وَفِي الْمَرَض فأذا انْفَرَدت بِالْمرضِ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>