النّوم بعد الطَّعَام استعملنا أغذية كَثِيرَة غَلِيظَة كالحال فِي الشتَاء وبالضد كالحال فِي الصَّيف فاغذ الْأَبدَان المعتدلة بالأغذية المعتدلة والخارجة عَن الِاعْتِدَال بالإفراط المضاد وَإِذا كَانَ لَا بُد أَن يَأْكُل غذَاء غير مُوَافق فَلَا يدع أَن يخلط بِهِ شَيْئا مُوَافقا أَو دافعاً لضرره وَقدر كميته فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ جيد الْغذَاء كُله يفضل على مَا تقوى عَلَيْهِ الْقُوَّة تولد مِنْهُ شَيْء رَدِيء.
وَيجب أَن يقدم مَا يجب تَقْدِيمه وَيُؤَخر مَا يجب تَأْخِيره فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي أَكلَة طعامان أَحدهمَا ملين للبطن وَالْآخر عَاقل لَهُ فَإِنَّهُ هُوَ قدم الملين وَأتبعهُ بِالْآخرِ سهل انحدار الحابس وَإِن كَانَ هُوَ قدم الحابس لم ينحدر أَو فسدا جَمِيعًا وَذَلِكَ أَن الطَّعَام الملين إِذا أَرَادَ الْخُرُوج وَمنعه من ذَلِك)
الَّذِي تَحْتَهُ فسد وأفسد مَا تَحْتَهُ وَإِذا كَانَ الملين قَلِيلا انحدر إِذا انهضم وَسَهل للحابس الانحدار وَكَذَلِكَ إِن جمع فِي أَكلَة طعامين أَحدهمَا سريع الهضم وَالْآخر بطيئة فليقدم البطيء الهضم ليسبق إِلَى قَعْر الْمعدة وَمن لم يَأْخُذ غذَاء حَتَّى ينحدر الَّذِي كَانَ قد أَخذه قبل وَيقدم قبله حَرَكَة كَافِيَة وَأتبعهُ بنوم كَانَ ذَلِك أحسن فِي استمرائه وَمن أَخذ طَعَامه أبدا قبل حَاجته إِلَيْهِ ولد التخم والبشم وَإِذا أَخذه بعد حَاجته إِلَيْهِ وحركة كَافِيَة حسن استمراؤه لِأَن الْمعدة قد احتمت واشتاقت إِلَى الْغذَاء وَأما معدته وكبده فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْخمر الزكي فَيحسن استمراءه وبالضد فَإِن أَخذه على غير حَاجَة وَلَا بعد حَرَكَة كثر فضوله وَمن أتبع الطَّعَام بنوم هضم طَعَامه وَمن أتبعه بحركة أحدث فِيهِ سدداً وغلظاً فِي الكبد والكلى وَسَائِر الْأَعْضَاء وَرُبمَا كَانَ الطَّعَام يطفو فِي أعالي الْمعدة لِضعْفِهَا فَلَا تَأمر هَؤُلَاءِ بِالنَّوْمِ حَتَّى ينحدر الطَّعَام وَيصير فِي القعر وَرُبمَا أمرناه بحركة يسيرَة وَإِن أتبع الطَّعَام ألف ي بِالشرابِ الْكثير منع أَن تحتوي عَلَيْهِ الْمعدة فَلَا ينهضم فَلَا يُؤْخَذ على الطَّعَام من المَاء إِلَّا مَا يسكن بِهِ حَال الْعَطش لأكله ويصبر على قَلِيل من الْعَطش حَتَّى ينهضم ثمَّ يَأْخُذ مَا أحب مِنْهُ فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يرقه وينفذه ويسهل خُرُوجه وَلَا يدْفع الطَّعَام عَن وَقت حركته الشهوانية لِأَنَّهُ إِن أَخّرهُ عَنْهَا وَلم يُبَادر عِنْد تحريكها صَارَت فِي الْمعدة فضول ردية فَيبْطل أَولا الشَّهْوَة وَيفْسد الْغذَاء بِأُخْرَى وأجود الْأَوْقَات للإغتذاء الْأَوْقَات الْبَارِدَة والحارة ردية. لي فَإِن لم يُوجد الْوَقْت الْبَارِد فَلْيَكُن فِي مَوضِع ريح لِأَن الْحَرَارَة المحيطة بالجسم تضعف الهضم وَمن كَانَ الْغَالِب على مزاجه الْحَرَارَة وَكَانَت معدته لحرارتها يسْرع فِيهَا تولد المرار يحْتَاج إِلَى الْغذَاء وَمن كَانَ ينصب إِلَى معدته مرار كَثِيرَة وَكَانَ حَار الْمعدة جدا يحْتَاج إِلَى الأغذية الغليظة الْعسرَة الهضم لِأَن السريعة الهضم تفْسد فِيهَا وَمن اعْتَادَ غذَاء مَا فَهُوَ لَهُ أوفق وَإِن كَانَ أخس قَلِيلا وَكَذَلِكَ الْحَال فِي مَرَّات مَا يتَنَاوَل أوقاته وللالتذاذ أَيْضا حَظّ عَظِيم فَإِن من التذ من غذَاء فَهُوَ أَشد استمراء فَيجب أَن يلْزم الْعَادة إِذا كَانَت قد طَالَتْ وَإِن لم يكن صَوَابا فَلَا يغيرها مَا لم يضْطَر إِلَيْهِ شَيْء لَا بُد مِنْهُ وَإِن حدث بعد ذَلِك فتدرج إِلَى ترك الْعَادة قَلِيلا قَلِيلا وَمن لم يحْتَج إِلَى اكْتِسَاب الْجلد والشدة وَلم تكن لَهُ رياضة كَثِيرَة فَأصْلح الأغذية مَا لَا يَغْدُو غذَاء كثير غليظاً وبالضد فَأَما المطلفة فَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهَا فِي الْأَحَايِين على سَبِيل التَّدَاوِي بهَا.)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute