أصحاب الأموال في إخراج زكاتهم بأنفسهم, ودفعها إليه دون أن يجعل لها جباة مخصوصين, أي: عمالًا مخصوصين، مخالفًا في ذلك ما سبقه من الخلفاء الراشدين؛ لأنه رأى أن النقود وعروض التجارة, وهي ما يعرف بالأموال الباطنة, قد تضاعف مقدارها, وأنه في تحري وجودها في أيدي أربابها حرج لهم فترك لهم الحق في إخراجها بأنفسهم وإعطائها للفقراء مباشرة, واكتفى بجباية الأموال الأخرى التي تعرف بالأموال الظاهرة, وهي السائمة, -السائمة نقصد بها النعم من الإبل والبقر والغنم- والزروع والثمار؛ لأنه لا حرج عليهم في تعقبيها بين أيديهم.
النظام المالي في عهد علي بن أبي طالب
وإذا تحدثنا عن النظام المالي في عهد الخليفة علي بن أبي طالب نقول: كان علي بن أبي طالب أقرب إلى عمر في سياسته المالية من شدة وتقتير على نفسه, وعلى أقرب الناس إليه, رحيما مع الرعية عطوفًا عليهم, يرعى مصالحهم ويهتم بشئونهم, فقد روي أن أخاه عقيلًا طلب إليه شيئًا من بيت المال لم ير علي أن له حقًّا فيه فمنعه من ذلك وقال له ليس لك في هذا المال غير ما أعطيتك, ولكن اصبر حتى يجيء مالي فأعطيك منه, فأغضب هذا القول عقيلًا وتركه وذهب إلى معاوية في الشام.
كما كتب -رضي الله عنه- إلى أحد ولاته يقول له: وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله, فإن في إصلاحه وصلاحهم صلحًا لمن سواهم, ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم؛ لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله, كأن سيدنا علي بن أبي طالب بفراسته يقول لأحد ولاته ويوصيه بأمر الخراج ويقول له: إذا أردت أن ينصلح حال