الناس جميعًا فعليك أن تصلح الخراج -تصلح أرض الخراج- وتهتم بأرباب هذه الأرض, وأصحاب هذه الأرض الذين يقومون بزراعتها؛ لأنك إذا أصلحت وكان هناك اهتمام بهذه الأرض التي تأتي بالزرع, فهذا معناه أن الخراج سوف يزيد, ولن يزيد هذا الخراج ولن تنصلح هذه الأرض إلا إذا صلح أمر القائمين على زراعتها, هكذا كان يقول سيدنا علي بن أبي طالب إلى ولاته.
ويقول له أيضًا: وليكن لك نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج يعني اهتم أولا بعمارة الأرض, وإصلاح الأرض, قبل أن تنظر في الخراج الذي يأتي منها, نعم؛ لأنه إذا لم تكن صالحة للزراعة فلن تأتي بخراج, وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة يعني هذا الخراج الذي تريد الحصول عليه لن تحصل عليه إلا بعمارة الأرض وبالاهتمام بهذه الأرض؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة, ومن طلب الخراج من غير عمارة أخرب البلاد. يعني الذي أو الوالي الذي يضع نظره على الخراج فقط ويريد أن يأخذ الخراج فقط دون أن ينظر إلى هذه الأرض التي تأتبنا بالخراج فإن سياسته سوف تؤدي إلى خراب الديار, لماذا؟ لأنه لن يأتي الخراج -كما قلنا- وفيرًا إلا إذا قمنا بعمارة وإصلاح الأرض التي تأتينا بهذا الخراج؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج من غير عمارة أخرب البلاد, وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلًا، وإنما يأتي خراب الأرض من إعواز أهلها, يعني هذه الأرض التي تأينا بالخراج متى تكون خرابًا؟ تكون خرابًا إذا أهملنا أصحابها، إذا أهملنا القائمين عليها؛ عندئذٍ لن يقومون بإصلاح هذه الأرض ولا بزراعة هذه الأرض كما ينبغي، وبالتالي يؤدي ذلك إلى خرابها؛ وبالتالي فليس هناك خراج. ولم يستقم أمره إلا قليلًا وإنما يأتي خراب الأرض من إعواز أهلها، يعني من حاجتهم إلى المال، وإنما يعوز أهلها لإشراف الولاة على الجمع وسوء ظنهم بالبقاء وقلة انتفاعهم بالعبرة. يعني هؤلاء الذين يتولون الخراج؛ إذ لم يهتمون بهذه الأرض وبأصحاب هذه الأرض ففي هذه الحالة لن نحصل على الخراج, وسوف يترتب على ذلك خراب هذه الأرض وبالتالي فلا خراج.
وهذا الكتاب الذي كتبه علي بن أبي طالب إلى أحد ولاته ينطوي على أسس ومبادئ سامية في أساس فرض الضرائب, وتنظيمها ويدعم النظام المالي للدولة بقواعد متينة تزيد من عمرانها وحفظ أموالها, ويحول دون خرابها وإفلاسها.
المستحدثات المالية في عهد الأمويين
ثم نتحدث الآن عن النظام المالي للأمويين: صاحب قيام الدولة الأموية تطورًا هامًّا في النظام المالي قوامه حصول الولايات على أكبر قدر من الاستقلال في شئونها المالية، ذلك أن النظام الإداري اللامركزي للأمويين تطلب منح الأمراء في الولايات سلطانًا واسعًا، ليس في شئون الإدارة فحسب، بل وفي شئون المال أيضًا.
وقد حاول الأمويون في بعض الأحيان فصل الشئون الإدارية عن الشئون المالية بغية دعم سلطانهم على الولايات, غير أن متطلبات النظام الإداري اللامركزي، وما