وعلى كل حال فيجب أن نلاحظ دائمًا أن هذه الحريات لا يجوز بحال أن تمس المصالح العامة للمجتمع؛ ولذلك فمن الطبيعي أن الدولة تملك تقييد هذه الحريات الشخصية ببعض القيود لصالح الجماعة، وبخاصة عندما تطغى الأنانية الفردية، ويعم الفساد، وتفسد الذمم، وتضعف الضمائر، ففي هذه الحالة تملك السلطة الشرعية العادلة أن تتّخذ من الإجراءات والقيود ما يدفع الأخطار، ويوفر الأمن، ويحقق مصلحة المجتمع.
الحرية الفكرية
ثانيًا: الحرية الفكرية:
ويقصد بهذه الحرية في الفكر الدستوري الحديث:
- حرية العقيدة.
- وحرية الرأي والتفكير.
- وحرية التعليم والتعلم.
وفي النظام الإسلامي تُعتبر الحرية الفكرية بمشتملاتها المختلفة، من أهم الحريات التي تتوقف عليها حياة الإنسان كما أرادها له الخالق -سبحانه وتعالى- وإذا كانت الحريات الشخصية -التي أسلفت الحديث عنها- تحمي جانب المادي في الإنسان، فإن الحريات الفكرية تحمي الجوانب المعنوية، وهي أهم بالنسبة للإنسان من الجوانب المادية؛ ولذلك وردت الآيات صريحةً في كتاب الله تعالى تقرِّر حرية الإنسان الفكرية، وتحثّه على استعمال عقله الذي ميزه الله به عن سائر خلقه، كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}(سبأ: من الآية: ٤٦).