للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرار أن يعدل عنه إذا تبين بعد ذلك أن هذا الرأي كان خطأ, إلا أن النزول على رأي الأغلبية, لا يكون واجبًا إذا خالف نصًا أو قاعدة كلية من قواعد الشرعية أو أي دليل من أدلة المشروعية إلا وفقًا لما تضعه قواعد المشروعية الإسلامية في هذا الصدد.

نكتفي بهذا القدر, أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

٣ - قواعد النظام السياسي في الإسلام (٣)

مدى الالتزام برأي أهل الشورى، وبيان آراء الفقهاء في ذلك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد تحدثنا في المحاضرة السابقة عن قواعد النظام السياسي في الإسلام، وبدأنا الحديث عن القاعدة الأولى: وهي الحاكمية لله سبحانه وتعالى، ثم بدأنا الحديث عن القاعدة الثانية: وهي الشورى في الإسلام وبينا دليلها من الكتاب، ومن السنة النبوية الشريفة، ومن السوابق التاريخية في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدون من بعده.

ونواصل الحديث عن الشورى في الإسلام، فنتحدث الآن عن نطاق واجب الأمة في الشورى، فنقول: الشورى في الشريعة الإسلامية من الواجبات الحتمية على الحاكم، والمحكوم على حد سواء، ومن ثم فإنها تعطي لعلماء الأمة كما أشرنا الحق في المساهمة في إدارة شئون الدولة، فيما لم يكن فيه دليل من أدلة الشرع، وهي بهذا المعنى تؤدي إلى رفع مسئولية السلطة العامة، وفيما يلي تفصيل ذلك:

أولا: الشورى واجبة على الحكام والمحكومين على حد سواء، فلا يقتصر الالتزام بالمشاورة على الخليفة وغيره من الولاة، والحكام وحدهم، وإنما يلتزم بها المسلمون، فهي من ناحية تعتبر حقا من الحقوق الأساسية لهم، ومن ناحية أخرى تعتبر من الالتزامات التي تقع على كاهلهم، وقد روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الصدد: ((إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه)) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من حق المسلم على المسلم إذا استنصحه أن ينصحه)).

إلى جانب أن الشارع اعتبرها من الأوصاف اللازمة للمؤمنين برسالته هؤلاء المؤمنون الذين استجابوا له، وأقاموا أركان دينه، وأمرهم شورى فيما بينهم، فأثنى عليهم الشارع لكونهم لا ينفردون برأي، بل ما لم يجمعوا عليه لا يقدمون عليه، وقد بين الشارع بمقتضى ذلك ما يجب أن يكون عليه أهل هذا الدين، كما

<<  <   >  >>