للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظن بصدق الراوي حتى يترجح وجود أمر الله تعالى وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فيكون من قبيل الاحتياط العمل بالراجح.

الإجماع

وننتقل الآن إلى مصدر آخر من مصادر الأحكام الدستورية في النظام الإسلامي، وهو الإجماع:

والإجماع في اللغة هو: الاتفاق، يقال: أجمعت الجماعة على كذا إذا اتفقوا عليه، ويطلق بإزاء تصميم العزم، يقول: أجمع فلان رأيه على كذا إذا صمم عزمه، قال الله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} (يونس: من الآية: ٧١).

ومعنى الإجماع في الشرع: اتفاق المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على حكم شرعي، والعلماء الذين يعتبر اتفاقهم في الإجماع هم المجتهدون الذين يملكون القدرة على استنباط الأحكام من مصادرها.

وعلى ذلك: فلا يدخل في هذا الصدد اتفاق عامة الناس؛ لأنهم ليسوا من أهل الاجتهاد، وأهل الاجتهاد معروفون مشتهرون في كل عصر، فيمكن تعرف أقوالهم من الأفاق، ولا يمكن أن ينعقد الإجماع في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنهم إن وافقوا الرسول -صلى الله عليه وسلم.

فالحجة في قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام- ويكون ذلك من قبيل السنة، وإن خالفوه فلا عبرة بخلافهم مادام -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم يبين عن الله تعالى ما يوحى به إليه، ولا بد وأن يكون اتفاق المجتهدين على حكم من الأحكام الشرعية ليخرج الأحكام العقلية أو اللغوية أو العادية فلا يسمى الاتفاق بشأنها إجماعًا.

وهنا يرد سؤال: هل يمكن وقوع الإجماع في هذا الزمان؟

ذهب بعض العلماء إلى استحالة وقوع الإجماع، بمعنى: اتفاق جميع المجتهدين في عصر من العصور على حكم من الأحكام؛ نظرًا لتفرق المجتهدين في

<<  <   >  >>