وبعد أن انتهينا من هذا الموضوع -وهو مسألة نصب الإمام، وهل هذا أمر واجب أم غير واجب، كما بينا بالتفصيل- ننتقل الآن إلى موضوع آخر، وهو الشروط التي يجب توافرها في رئيس الدولة، نقول:
أجمع علماء الأمة الإسلامية على أن منصب الرئيس الأعلى للدولة لا يورث، وأنه لا بدّ من وجوب صفاتٍ معينة فيمن يُرشح لتولي هذا المنصب الخطير، سوى فرقة الإمامية؛ فإنهم شذّوا على إجماع الأمة، وذهبوا إلى التوارث فيه، وهو الرأي الذي سنتعرض إليه عند الكلام عن طرق انعقاد الرئاسة، وأما من عداهم من جماهير الأمة الإسلامية فلا يُجيزون أن تكون الوارثة طريقًا إلى تولى هذا المنصب.
وثمّة أمر هامّ يجب أن نلاحظه، هو أن الشروط التي اشترطها العلماء فيمن يراد توليته رياسة الدولة الإسلامية، هي شروط يجب مراعاتها في الحال، التي تكون صفة الاختيار متوافرة للأمة فيها، فيجب عليها في هذه الحال ألا تولِّي أمورَها إلا من تحقّقت فيه هذه الشروط، وأما إذا انتفت حال الاختيار، وألجئت الأمة إلى حالٍ لا اختيار لها فيها، كتغلب البعض ممن لا يصلحون للإمامة العظمة بالانقلابات العسكرية، فالعلماء في هذا الحال يبيّنون أن التمسك بالشروط الواجب هنا قد يؤدي إلى فتنٍ يجب أن تصان الأمة عن الدخول في شرورها، وحينئذٍ يجوز شرعًا إقرار هذه الحال مؤقتًا إلى أن تحين فرصة التغير لمن هو مستوفٍ للشروط المطلوبة، وسنبيّن هذه الشروط ووجهة النظر في اشتراطها فيما يلي:
أول شرط من الشروط التي يجب توافرها في الإمام هو شرط: الإسلام:
يقول البعض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافرٍ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر -أي بعد تولى الخلافة- انعزل، وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء