وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا ما عرضت عليه مسألة من المسائل فإنه يبحث عن حكمها أولًا في القرآن الكريم, فإن وجد ما يقضي به فإنه يحكم به, وإن لم يكن في القرآن حكم لهذه المسألة رجع إلى السنة, فإن وجد حلًّا لها فيها كان به, فإن أعياه الوصول إلى حكم المسألة من القرآن أو السنة, سأل الناس هل علمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى فيه بقضاء, فإذا أرشده واحد منهم إلى حكم من النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه المسألة قضى به, وإلا جمع الناس فاستشارهم فإذا اجتمعوا على رأي قضى به.
ونفس الطريقة كان يلتزم بها عمر بن الخطاب, إلا أنه كان يضيف إلى القرآن والسنة ما كان يسلكه أبو بكر رضي الله عنه, فإن لم يجد حكمًا للمسألة في هذه المصادر استشار الناس واتبع ما ينتهي إليه المتشاورون, وكان يأبى أن ينفرد بالرأي في أي مسألة تعرض له, وإنما كان يجمع لها كبار الصحابة من أهل بدر, ويشاورهم فيها.
وقد سار عثمان رضي الله عنه على هذا المنهج فكانت الشورى لها مكانتها خلال ست سنين من خلافته إلى أن تم لبني أمية الاستيلاء على مقادير الأمور في عهده, الأمر الذي أدى إلى عدم مراعاة هذا الواجب, وظل الأمر كذلك حتى قتل عثمان رضي الله عنه, وبعد استشهاده وتولي علي الخلافة بمقتضى البيعة العامة للمسلمين عادت للشورى مكانتها, فعمل على كفالة هذا الواجب.
تحديد أهل الشورى والشروط الواجب توافرها فيها
ثم نتحدث الآن عن تحديد أهل الشورى والشروط الواجب توافرها فيها, نقول أهل الشورى يجب أن تتوفر فيهم مجموعة من الشروط, وقد بين الفقهاء هذه الشروط وذلك حينما تكلموا عن أهل والعقد, وما يجب أن تتوفر فيهم من شروط, وأهم هذه الشروط ما يلي: