وعلى الرغم من بساطة اللقب فإن عظمة معناه واضحة جلية؛ إذ يفيد أن صاحبه قد جمع بين ناحيتين خطيرتين هما السلطان الدنيوي, والتوجيه العقلي, ومع أن الشيعة مبالغةً منهم في تقديس أئمتهم قد نزهوهم عن الكذب, فقالوا بعصمتهم عنه, فإننا نراهم يتناقضون مع هذا المبدأ فيبيحون للإمام إذا خاف على نفسه أن يقول: لستُ بإمام, وهو إمام, هذا هو معنى التقية, وكان الواجب إذا ما كانت العصمة عن الكذب ثابتة له ألا يكون في بعض أحواله صادقًا وفي البعض الآخر كاذبًا, بل يلازمه الصدق في كل أحواله.
وبما مر من شبههم نجدهم يتعسفون أحيانًا في التدليل على ما ذهبوا إليه في العصمة.
هذه هي شبه الاثنا العشرية, والإسماعيلية, من الشيعة في العصمة للأئمة, وقد بينا هذه الشبه, وقمنا بالرد عليها.
صحة الرأي في السياسة, والإدارة, والحرب
وننتقل الآن إلى الشرط الثامن من شروط الرئيس وهو صحة الرأي في السياسة, والإدارة, والحرب, نقول:
لما كان من أهم أعمال الرئيس الأعلى للدولة هو البت في الأمور الهامة التي تمس مصالح الأمة اعتبر الفقهاء أن من ألزم الشروط أن يكون الإمام على مقدار كبير من صحة الرأي, والمعرفة بأمور السياسة والحرب, وعلى كفاءة عالية من إدارة أمور الدولة, ولذلك فإن العلماء يشترطون الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح, كما عبر الماوردي, أو كما يقول بعضهم: ذو رأي وبِصارة بتدبير الحرب والسلم, وترتيب الجيوش, وحفظ الثغور ليقوم بأمر الملك, ويعلل البعض اشتراط الرأي بقوله: ليسوس به الرعية, ويدير مصالحهم الدينية والدنيوية, وعلى هذا فإن الإمام إذا لم يكن على جانب كبير من صحة الرأي في نواحي السياسة والإدارة والحرب لا يصلح في نظر جمهور الفقهاء لتولي هذا المنصب