والحرب والمكيدة)) فقال الحباب: يا رسول الله!! فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالمنزل حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نغور ما وراءه ثم نبني عليه حوضًا فنملأه ماءً، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد أشرت بالرأي)) وفعل -صلى الله عليه وسلم- ما أشار به الحباب.
ويضيف ابن سعد على هذه الرواية بأن الوحي نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرأي ما أشار به الحباب بن المنذر، ومن هذه الرواية نتبين: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تشاور وعمل برأي من شاروه.
وفي غزوة أحد شاور الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين، وبعد أن قص عليهم رؤيا رآها تنبئ بوقائع حدثت فيما بعد، فقال: ((فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا المدينة قاتلناهم فيها)) فانقسم المسلمون إلى فريقين، الأول ويحبذ الخروج إلى قريش حبًا في الشهادة؛ لأن بعضهم كان قد فاته ملاقاة العدو ببدر، وفريق آخر يرى عدم الخروج والبقاء في المدينة كما كان يرى -صلى الله عليه وسلم- ولما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الأغلبية ترى الخروج لملاقاة العدو نزل على رأي الأغلبية.
وحين حاولوا بعد ذلك أن يثنوه عن الخروج عندما تبين لهم أنهم قد أكرهوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، قال لهم: ((ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل)).
أيها الأخوة ونكتفي بهذا القدر ونكمل في المحاضرة القادمة -إن شاء الله- استودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢ - قواعد النظام السياسي في الإسلام (٢)
تابع: أدلة الشورى
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد, وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:
تحدثنا في المحاضرة السابقة عن بقية مصادر الأحكام السياسية في الإسلام، ثم انتقلنا إلى الحديث عن قواعد النظام السياسي في الإسلام، فتحدثنا عن القاعدة الأولى وهي الحاكمية لله وحده, ثم بدأنا الحديث عن القاعدة الثانية التي تتمثل في الشورى في الإسلام، وذكرنا دليلها من الكتاب, وها نحن نواصل الآن الحديث عن دليلها من السنة, فنقول: وفي غزوة أحد شاور الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين وبعد أن قص عليهم رؤيا رآها تنبئ بوقائع حدثت فيما بعد, فقال: فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا, فإن أقاموا أقاموا بشر مقام, وإن هم دخلوا علينا المدينة قاتلناهم فيها.
فانقسم المسلمون إلى فريقين الأول: ويحبذ الخروج إلى قريش حبًّا في الشهادة؛ لأن بعدهم قد فاته ملاقاة العدو ببدر, وفريق آخر يرى عدم الخروج والبقاء في المدينة, كما كان يرى -صلى الله عليه وسلم- ولما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الأغلبية ترى الخروج لملاقاة العدو نزل على رأي الأغلبية, وحين حاولوا بعد ذلك أن يثنوه عن الخروج عندما تبين لهم أنهم قد أكرهوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك, قال لهم: ما ينبغي لنبي إذا لبس لَأْمَتَه أن يضعها حتى يقاتل.
ويعقب البعض على ذلك فيقول على ما حدث في غزوة أحد: بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن كان يرى أنه من الخير للمسلمين كما دلت الوقائع بعد ذلك عدم خروجهم لملاقاة قريش الذين كانوا يفوقونهم في العدد والعدة في ساحة المعركة المكشوفة, وأن يعسكروا في المدينة, ويدافعوا عنها إذا هوجمت, ولكن لما كانت