للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُتَّقِينَ} (البقرة: من الآية: ١٩٤) فالتقوى: فضيلة، والفضيلة تنهى عن التمثيل بالقتلى، حتى ولو مثَّل الأعداء بقتلى المسلمين؛ روي عن بريدة، عن أبيه قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أميرًا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، وقال: اغْزوا بسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تَغلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا)).

والفضيلة تدعونا إلى معاملة الأسارى معاملة طيبة، حتى ولو كان الأعداء يعاملون أسرانا معاملة سيئة، فيمتدح الله تعالى من يطعم الأسير بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان: ٨) والمقصود بالأسير: هو الحربي من أهل دار الحرب، يؤخذ قهرًا بالغلبة، فأثنَى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء؛ تقربًا بذلك إلى الله، وطلبَ رضاه، ورحمة منهم له، وهكذا تكون معاملة المسلمين لغيرهم على أساس الفضيلة، لا يعدونها، فلا يقتل المسلمون المستأمنين أثناء الحرب، حتى ولو قتل الأعداء مستأمني المسلمين، فلا قتال إلا مع المحاربين، ومن يحملون السلاح، قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة: ١٩٠) فالحرب لا تكون إلا على المعتدين.

وعلى هذا: فالفضيلة هي الإطار الذي يدور بداخله كل ما يأتي به المسلمون من تصرفات تسهم في بناء مجتمع فاضل على المستويين المحلي والعالمي.

التسامح

وأيضًا من الأسس التي قامت عليها العلاقات الدولية في الإسلام مبدأ التسامح:

فقد ضرب الإسلام المثل الأعلى في التسامح مع أهل الذمة، فتركهم وما يدينون، فلم يفتنوا عن دينهم، ولم يلحق بهم أي اضطهاد؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>