ونكتفي بهذا القدر استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٣ - التثبت من وسائل الإثبات والحكم والقضاء في المملكة العربية السعودية
التثبت من وسائل الإثبات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
نتحدث في هذه المحاضرة عن: مهمة القاضي في التثبت من وسائل الإثبات، فنقول:
قد تكون الوسيلة لإثبات الدعوى هي الشهادة، وقد يكون غيرها من طرق الإثبات الأخرى، وكما هو مطلوب من القاضي فهم الدعوى والإجابة، واستيعاب أقوال المدعي والمدعى عليه، فكذا حالة النظر في وسيلة إثبات الدعوى، يجب عليه أن يتحرى فيها جيدًا، بل في هذه الحالة يتأكد على القاضي دقة الفهم، وصفاء الذهن.
ولم كان الغالب في إثبات الدعوى يتم عن طريق الشهادة، سواء كانت مكتوبة -كالصكوك- أو ملفوظة فقد رأيت أن أقصر الحديث على استماع الشهادة، وما ينبغي للقاضي نحو الشهود عند الإدلاء بها.
إذ يستحب للقاضي إذا حضر لديه الشهود أن يأذن لهم في أداء الشهادة، ولا ينبغي لهم الإدلاء بها قبل ذلك، لما ثبت في الصحيح من قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون)) أي: أنهم يؤدون الشهادة قبل أن تطلب منهم.
فهذا الحديث يدل على ذم التسرع في أداء الشهادة، وذلك لخطورتها، ولأن بذلها من غير طلب يؤدي إلى الحط من مكانتها في نفوس الناس، فكان لا بد من المحافظة عليها لفظًا ومعنى، وهذا لا يتعارض مع ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن خالد الجهني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((ألا أخبركم بخير الشهداء؟!! الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)).
فقد قال العلماء: إن هذا الحديث محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق، ولا يعلم ذلك الإنسان: أنه شاهد، فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له.