وهذا معناه أن العدالة التي ينشدها الإسلام هي عدالة في كل المجالات، عدالة من ناحية الحكم، عدالة من ناحية الاقتصاد في كل المجالات، فحرص الإسلام على أن تكون هناك عدالة بين المتعاملين، على ذلك فالذين يتعاملون بالربا ليس هناك عدالة، فالمرابي يأكل أموال الناس بالباطل، وليس هناك عدالة فيما يأخذه، وفيما يعطيه؛ ولذلك وجدنا موقف الإسلام حازمًا من أجل توجد تلك العدالة في كل صورها سواء في الاقتصاد، أو في الحكم.
مسئولية الحكام
ثم ننتقل الآن إلى الحديث عن قاعدة أخرى من القواعد التي يقوم عليها النظام السياسي في الإسلام، وهي مسئولية الحاكم، فنقول: يتميز النظام السياسي الإسلامي عن غيره من النظم السياسية كافة بتقرير مبدأ "المسئولية" حيث لا يوجد في الإسلام من يمكن أن يكون بمنأى عنها ذلك؛ لأن عدم المسئولية يعني: أن غير المسئول يحتل مكانا مقدسا، أو كونه معصوما، وليس في الإسلام من يحتل هذه المكانة سوى الأنبياء، والرسل.
وكل مسلم مسئول عن تصرفاته وأفعاله سواء أكانت هذه التصرفات والأفعال متعلقة بالواجبات الفرضية التي خاطب بها المشرع الإسلامي كل مكلف، وحتم عليه القيام بها، أو كانت متعلقة مع نفسه، أو مع الغير، ففي كل هذه الأحوال يكون المسلم مسئولا أمام الله -عز وجل- في الآخرة إلى جانب أنه مسئول في الدنيا أمام ضميره من ناحية، ومن ناحية أخرى أمام المجتمع الإسلامي.
ونحن إذا كنا نسلم مع فضيلة الشيخ/ أحمد هريدي بهذا المبدأ؛ لأنه من القواعد القطعية في الفقه الإسلامي، إلا أننا لا نسلم له القول، وتبدو مسئولية الفرد تارة أمام نفسه، وضميره، وتارة أمام ربه -سبحانه وتعالى- وتارة أمام الناس والمجتمع؛ لأن هذا القول يومئ أنه في بعض الحالات يمكن أن يكون الفرد مسئولًا أمام نفسه