(القضاء ووسائل التثبت والإثبات في النظام الإسلامي)
١ - مشروعية القضاء وأهميته وتاريخه وشروط الدعوى
مشروعية القضاء وأهميته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
نبدأ الآن الحديث عن النظام القضائي في الإسلام، فنعرف القضاء، ونبين دليل مشروعيته، وبيان أهميته، وتاريخه عبر العصور الإسلامية المتلاحقة:
القضاء لغة: انقضاء الشيء وإتمامه، والحكم بين الناس.
وشرعًا: هو فصل الخصومات وقطع المنازعات، وعرفه الشافعية بأنه فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى أي: إظهار حكم الشرع في الواقعة، وسمي القضاء حكمًا لما فيه من الحكمة التي توجب وضع الشيء في محله لكونه يكف الظالم عن ظلمه، والأصل في مشروعيته الكتاب، والسُّنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ ولا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(ص: من الآية: ٢٦) وقوله تعالى: {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّه}(المائدة: من الآية: ٤٩) وقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْط}(المائدة: من الآية: ٤٢) وقوله -عز وجل-: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}(النساء: من الآية: ١٠٥) ونحوها من الآيات.
وأما السُّنة فما روي عمرو بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس الحاكم للحكم بعث الله له ملكين يسددانه ويوفقانه؛ فإن عدل أقاما -يعني: