الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظِله في أرضه، وحكمته الدالة عليه، والدالة أيضًا على صدق رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
الوفاء بالعهد
ومن الأسس التي قامت عليه العلاقات الإسلامية الدولية: الوفاء بالعهد، ونقول في ذلك:
إن الوفاء بالعهد خلق كريم، وصفة طيبة، ومن ثَمَّ أمر الإسلام بالوفاء بالعهد، فيقول تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(المائدة: من الآية: ١) يعني: أوفوا بالعقود التي عاهدتموها ربكم، والعقود التي عاهدتموها إياه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقًا، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضًا، فأتموها بالوفاء، والكمال، والتمام منكم لله، بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منه، بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنقضوها بعد توكيدها.
ويقول تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}(الإسراء: من الآية: ٣٤) يعني: أوفوا بالعقد الذي تعاقدون الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام؛ وفيما بينكم أيضًا، وفي البيوع والإيجارات، وغير ذلك من العقود، والله تعالى سيسأل ناقض العهد عن نقضه إياه، يقول: فلا تنقضوا العهود الجائزة بينكم، وبين مَن عاهدتموه أيها الناس، فتحقِّروه، وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك.
والوفاء بالعهد خلق الأنبياء، يقول تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ}(مريم: من الآية: ٥٤) ففي هذه الآية: يقول الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: واذكر يا محمد في هذا الكتاب إسماعيل بن إبراهيم، فاقصص خبره، إنه كان لا يكذب وعده، ولا يخلف، ولكنه كان إذا وعد ربه أو عبدًا من عباده وعدًا وفَّى به.