جانب أن المسلم يتمتّع بهذا الحق، ويجب عليه القيام بهذا الالتزام بصفته مسلمًا، فاستحقّ هذا الإعزاز من الشارع ومن الدين؛ لأنه من الواجبات الدينية، وكأي واجب ديني يقتصر أدائه على المؤمنين بالرسالة دون غيرهم؛ لأن فيه تسلطًا على المسلمين.
نكتفي بهذا القدر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢ - الحكم عند العرب قبل الإسلام وبيان أن الإمامة مبحث فقهي
الحكم عند العرب قبل الإسلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد انتهينا في المحاضرات السابقة من الحديث عن القواعد التي يقوم عليها النظام السياسي في الإسلام وهي: قاعدة الحاكمية لله سبحانه وتعالى، وقاعدة الشورى في الإسلام، وقاعدة الحقوق والحريات العامة في النظام الإسلامي، وقاعدة مسئولية الحاكم أمام مجموع الأمة، وقاعدة رقابة الأمة للحاكم، ونبدأ في هذه المحاضرة في الحديث عن نظام الحكم في الإسلام.
والحديث عن نظام الحكم في الإسلام يستدعي أن نلقي أولًا نظرة عن نظام الحكم عند العرب قبل الإسلام فنقول -وبالله التوفيق-:
لم يكن للعرب قبل الإسلام حكومة بالمعنى الذي نعرفه للحكومات الآن، فلم تكن لهم إدارة منظمة لها السلطان الذي يخضع له الناس وتعمل على إيصال الحقوق إلى أربابها ومنع تعدي الناس بعضهم على بعض، وإنما كانوا بدوًا أو شبه بدو يعيشون في قبائل متعددة متفرقة، يجمع أفراد كل قبيلة رابطة الدم التي كانت هي موضع التقديس من كل عربي يعيش في شبه الجزيرة العربية، هذه الرابطة -وهي رابطة الدم- التي إن وجدت سواء كانت في الواقع أم في زعمهم عُدّوا كتلة واحدة تُوجب لأفراد القبيلة الحماية التامة تحت ظلها، وتعطي لكل فرد فيها حق الاستصراخ بها، وهي ملزمة بالزود عنه كما أن عليه الخضوع المطلق لعرفها ودينها، وكانت القبيلة تعيش غالب حياتها في نزاع مع القبائل الأخرى، فتضطر إلى عقد حلف مع غيرها لصدّ غارة أو للإغارة على أحلاف أخرى أو لغير ذلك من الأغراض، وإذا ما تحالفت القبائل استعدادًا لحرب واحتاجوا إلى من يرأسهم جميعًا اقترعوا بين أهل الرياسة، يعني: عملوا قرعة بين من يصلحون أن يكونوا رؤساء فمن خرجت له القرعة فهو رئيسهم.