يرى البعض الآخر من الفقهاء أن الزكاة تأخذ من كل ما أخرجته الأرض، لا فرق في ذلك بين صنف وصنف ولا بين مطعوم وغير مطعوم ففي كل ما أخرجت الأرض زكاة ما عدا الحشيش والحطب، ولكن إذا زرع الحشيش والحطب من أجل التجارة تجب فيهما الزكاة إذا بلغ نصابًا وهذا هو رأي الحنيفة.
وبعد عرضنا لآراء الفقهاء بالنسبة للحبوب وما تفرض عليه الزكاة من هذه الحبوب وما لا تفرض -نرى أن ما ذهب إليه الأحناف من وجوب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض هو الرأي الذي نختاره؛ لأن عموم النصوص من القرآن والسنة تؤيده، وهو الموافق لحكمة تشريع الزكاة، فليس من العدل أن تؤخذ الزكاة من زارع الشعير والقمح ويعفى منها صاحب البساتين من البرتقال أو المانجو أو التفاح، وقد أصبحت هذه الأصناف الأخيرة في وقتنا الحاضر تدرّ على صاحبها ثروات طائلة أهم وأعظم بكثير من ثروة الشعير والقمح، فمن العدالة إيجاب الزكاة في تلك الأنواع من الثمار للتحقق المساواة بين الجميع في تحمل التكاليف العامة المالية في الدولة والتي من أهمها الزكاة.
نكون بهذا قد انتهينا من هذه المحاضرة، استودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٢ - بقية الأموال الزكوية والأموال المستحدثة
زكاة عُرُوض التجارة، والرِّكاز، والمعدن، وما يستخرج من البحر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد تحدثنا في المحاضرة السابقة عن العمومية المادية في الزكاة، ونواصل الحديث الآن في هذا الموضوع فنقول:
من الأموال التي تجب فيها الزكاة زكاةُ عُرُوض التجارة، فيرى جمهور الفقهاء أنه تجب الزكاة في عُرُوض التجارة، سواء كانت الأموال ثابتة أو منقولة -أي: التي تشترى بنية التجارة- ودلّ على هذا الوجوب الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُم}(البقرة: من الآية: ٢٦٧) يقول الإمام الطبري في معنى هذا الآية: أي زكّوا من طيبات