وهكذا تظهر الآيات السابقة العدل كقيمة أخلاقية سامية، يجب اتباعها في الحياة وفي المعاملات وفي استنباط الأحكام بشكل عام، وينبهنا الحق -تبارك وتعالى- إلى ضرورة الحكم بالعدل في الخصومات، والأقضية في العديد من الآيات الأخرى مثال ذلك قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}(النساء: ٥٨) ويقول أيضا: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(المائدة: ٤٢).
وفي مجال العلاقة بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى يقول -سبحانه وتعالى-: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(الممتحنة: ٤٢).
صور العدالة في القرآن
والواقع أن حصر ما ورد في القرآن الكريم بشأن العدالة، وضرورة الوصول إليها في أي نظام تشريعي، إنما هو من الأمور الصعبة، إذ لا أكون مبالغا إن قلت: إن كافة الآيات الكريمة التي رسمت أسلوب الحياة للناس، ووضعت مناهج للسعي في الأرض ترتبط بالعدالة، وتجعلها مقصدًا رئيسيًّا لها؛ لذلك نكتفي بذكر أمثلة من هذه الآيات، وردت بالنسبة لبعض صور المعاملات.
فنتحدث عن العدالة الاجتماعية، فنقول: يعتبر تقسيم العدالة إلى عدالة التوزيع، وإلى عدالة التعويض أو التبادل، هذا التقسيم هو أهم التقسيمات المقررة للعدالة، عندنا عدالة التوزيع، وعندنا عدالة التعويض أو التبادل، وتنجلي الصورة الأولى في توزيع الجاه والمال، وكل ما